التفاسير

< >
عرض

وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ
٤٤
ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ
٤٥
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ
٤٦
وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٤٧
-الأعراف

تفسير الجيلاني

{ وَ } بعدما تمكن أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار { نَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ } ليفتضحوا على رءوس الأشهاد: { أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا } من المواعيد والتبشيرات على ألسنة الرسل وكتبه { حَقّاً } يقيناً بعدما تيقناه علماً وعيناً فيما مضى { فَهَلْ وَجَدتُّم } أيها المحبوسون في سجن الإمكان ونار الحرمان { مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ } من الوعيد والإنذارات الشديدة الجارية على ألسنة الرسل والكتب { حَقّاً } مطابقاً للواقع { قَالُواْ } متحسرين بحالهم مضطرين عما هم عليهم: { نَعَمْ } قد أصبنا ما كذبنا وحققنا ما أبطلنا، وبعدما جرى بينهم ما جرى من المقاولة { فَأَذَّنَ } صوت { مُؤَذِّنٌ } هاتفٍ وراء سرادقات الجلال { بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ } أي: طرده ومقته نازل ثابت { عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [الأعراف: 44].
{ ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ } يتصرفون وينحرفون { عَن } استقامة { سَبِيلِ ٱللَّهِ } الموصل إلى توحيده { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي: يطلبون منها زيفاً وضلالاً { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ } [الأعراف: 45] مكذبون منكرون.
{ وَبَيْنَهُمَا } أي: بين الموحدين المتمكنين في نعيم الجنان، المشرفين بشرف لقاء الرحمن، والمشركين المحبوسين في سجِّين الإمكان، المتحرقين بنيران الخذلان والحرمان { حِجَابٌ } لا يدرك كنهه إلا العليم العلام { وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ } أي: البرزخ { رِجَالٌ } من الأبرار { يَعْرِفُونَ كُلاًّ } من الفريقين { بِسِيمَاهُمْ } أي: بوجوههم التي يلي الحق والباطل وهم متقربون في البرزخ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء { وَنَادَوْاْ } أهل البرزخ { أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } هنيئاً لكم، ما تتنعمون فيها وتتمتعون بها حال كونهم { لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } [الأعراف: 46] دخولها من فضل الله وسعة رحمته وجوده.
{ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ } أي: أبصروا بذلك البرزخ { تِلْقَآءَ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ قَالُواْ } متضرعين متخشعين: { رَبَّنَا } وإن صدر عنا من التقصير ما صدر { لاَ تَجْعَلْنَا } بلطفك { مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [الأعراف: 47] الخارجين عن حدودك مطلقاً عناداً وإصراراً.