التفاسير

< >
عرض

وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ
٤٨
أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٤٩
وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٥٠
ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ
٥١
-الأعراف

تفسير الجيلاني

{ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ } على وجه التوبيخ والتقريع { رِجَالاً } من صناديدهم كانوا { يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ } بوجوههم الباطلة من المال والجاه والرئاسة والتفوق وغيرها { قَالُواْ } لهم متهكمين: { مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ } أي: ما أسقط جمعكم المال وجمعيتكم بسببب الجاه شيئاً من عذاب الله { وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } [الأعراف: 48] أي: ما يفيد لكم استكباركم على خلق الله وعن آياته اليوم؟!
انظروا أيها الحمقى { أَهَـۤؤُلاۤءِ } المترفهون المتنعمون في مقر العز والتمكن هم { ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ } في النشأة الأولى أنهم { لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ } في النشأة الأخرى، كيف قبل لهم من قبل الحق تفضلاً وامتناناً عليهم: { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } التي هي دار الأمن والأمان { لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ } بعدما دخلتم فيها { وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } [الأعراف: 49] أصلاً من فوت شيء وتعويقه.
{ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ } متمنين منهم متحسرين: { أَنْ أَفِيضُواْ } صبوا { عَلَيْنَا } رشحة { مِنَ ٱلْمَآءِ } الذي هو سبب حياتكم الحقيقي وبقائكم السرمدي { أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } من الرزق المعنوي { قَالُوۤاْ } في جوابهم بإلهام الله إياهم: { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع الاستعدادات عباده { حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [الأعراف: 50].
{ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ } الذي هو سبب الحياة الحقيقية في حياتهم الصورية ونشأتهم الدنيوية { لَهْواً وَلَعِباً } يلهون ويلعبون به ويكذبون من أرسل إليهم وأنزل عليهم الكتب لتبيينه { وَ } ما ذلك إلا أن { غَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا } بمزخرفاتها من اللذات الجسمانية والشهوات النفسانية، وصاروا بسبب تغريراتها ناسين العهود والمواثيق التي جرت بيننا وبينهم في بدء فطرتهم { فَٱلْيَوْمَ } أي: حين كشف السرائر وارتفعت الحجب { نَنسَـٰهُمْ } ولم نلتفت نحوهم { كَمَا نَسُواْ } في النشأة الأولى { لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا } في النشاة الأخرى مع ورود الإنذارات التخويفات الجارية على ألسنة الرسل و الكتب { وَمَا } أي: وكما { كَانُواْ بِآيَٰتِنَا } الدالة على أمثال هذه الإنعامات { يَجْحَدُونَ } [الأعراف: 51] ينكرون ويصرون كذلك يخدلون في النار وينسون.