{ وَ } أيضاً أرسلنا { إِلَىٰ } قوم { مَدْيَنَ } وهم قرية شعيب عليه السلام { أَخَاهُمْ } وابن عمهم { شُعَيْباً } عليه السلام حين أفرطوا في التطفيف والتخسير { قَالَ } لهم منادياً على وجه الشفقة والنصيحة: { يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } المتوحد المستقل في الألوهية، واعلموا أنه { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ } يعبد بالحق { غَيْرُهُ } وأنه { قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ } عظيمة { مِّن رَّبِّكُمْ } الذي رباكم بأنواع اللطف والكرم دالة على القسط العدالة في المعاملات الصورية؛ ليفوزوا بها إلى الاعتدال المعنوي والقسط الإلهي { فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ } أي: وفوا حقه { وَ } أقيموا { ٱلْمِيزَانَ وَ } بالجملة: { لاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ } أي: لا تنقصوا من حقوقهم شيئاً { وَ } عليكم أن { لاَ تُفْسِدُواْ } مطلقاً { فِي ٱلأَرْضِ } التي وضعت للعدالة والصلاح سيما { بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } أي: بعد إصلاحنا أمرها بإرسال الرسل وإنزال الكتب { ذٰلِكُمْ } أي: العدل والصلاح وامتثال الأوامر { خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [الأعراف: 85] موقنين بعدل الله وصراطه المستقيم.
وعليكم أن تتوجهوا نحو طريق الحق بالعزيمة الصحيحة { وَلاَ تَقْعُدُواْ } أي: لا تترصدوا { بِكُلِّ صِرَاطٍ } طريق ومذهب من الطرق الباطلة حال كونكم { تُوعِدُونَ } وتخوفون الناس عن سلوك طريق الحق { وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ضعفاء { مَنْ آمَنَ بِهِ } بإلقاء الشبه والرخص في قلوبهم { وَ } بالجلمة: { تَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي: تطلبون أن تنسبوا عوجاً وانحرافاً إلى سبيل الحق والطريق المستقيم؛ لينصرف الناس عنه، وعليكم ألاَّ تميلوا عن مخالفة أمر الله ونهيه { وَٱذْكُرُوۤاْ } نعمه عليكم { إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً } عَدداً وعُدداً { فَكَثَّرَكُمْ } قؤاكم وأظهركم، واشكروا نعمه عليكم؛ ليدوم وزيد ولا تكفروها { وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } [الأعراف: 86] المكفرين لنعم الحق من الأمم الهالكة واعتبروا من حالهم ومآلهم.