التفاسير

< >
عرض

قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ
٣٨
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣٩
وَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ
٤٠
-الأنفال

تفسير الجيلاني

{ قُل } يا أكمل الرسل { لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } تبشيراً لهم ووعداً: لا ييأس من روح الله وسعة جوده ورحمته عمَّا هم عليه من الكفر والضلال، بل { إِن يَنتَهُواْ } ويعرضوا عن الكفر والإلحاد نحو الباطل الزائغ، والميل إلى البدع والأهواء الفاسدة الكاسدة من تكذيب الكتب والرسل بالإيمان الخالص عن ظهر القلب، ورفع المنازعة والمخاصمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تابعه { يُغَفَرْ لَهُمْ } ويعفى عنهم { مَّا قَدْ سَلَفَ } من الجرائم مطلقاً { وَإِنْ يَعُودُواْ } على كفرهم ونزاعهم، ويرتدوا بعد إيمانهم وصلحهم { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ } [الأنفال: 38] أي: الأمم الهالكة الذين كفروا بالله، وخرجوا على رسله فأصابهم ما أصابهم، وكذلك يصيبهم مثل ما أصابهم فليتوقعوا.
{ وَ } بعدما خرجوا من عهدهم ونقضوا ميثاقهم، واتردوا على أدبارهم { قَاتِلُوهُمْ } أيها المؤمنون؛ أي: المرتدين، واستأصلوهم { حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ } أي: توحد وتبقى { فِتْنَةٌ } بقية من شركهم مضلة لضعفاء الأنام { وَ } بعد استئصالهم وانقطاع شركهم وعرقهم { يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله } الواحد الأحد الذي لا شريك له { فَإِنِ انْتَهَوْاْ } بالقتال عن شركهم وكفرهم، وأقروا بالإيمان والإطاعة فخلواسبيلهم { فَإِنَّ اللَّهَ } المطلع بضمائرهم { بِمَا يَعْمَلُونَ } في بواطنهم من الوفاق والنفاق { بَصِيرٌ } [الأنفال: 39] يجازيهم على مقتضى بصارته وخبرتهز
{ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمُوۤاْ } أي: لم ينتهوا بالقتال عن كفرهم، بل أصروا عليه وأخذوا أولياء من إخوانهم وشياطينهم، واستعانوا منهم بمقاتلتكم أيها المؤمنون لا تبالوا بهم وبمعاونيهم ومظاهريهم { أَنَّ ٱللَّهَ } القادر المتقدر على وجوه الانتقام { مَوْلاَكُمْ } معينكم ومولي أموركم { نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ } مولاكم { وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } [الأنفال: 40] نصيركم وظهيركم.