التفاسير

< >
عرض

قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ
١٤
وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١٥
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٦
-التوبة

تفسير الجيلاني

وبالجملة: { قَاتِلُوهُمْ } حيث وجدتموهم، فإنكم منصورون عليهم { يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ } بأنواع العذاب من الأسر والقتل والإجلاء { وَيُخْزِهِمْ } أي: بذلهم ويهينهم ما بقي منهم من ذرياتهم { وَيَنْصُرْكُمْ } دائماً { عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ } بقهرهم وإذلالهم { صُدُورَ قَوْمٍ } غرباء { مُّؤْمِنِينَ } [التوبة: 14] حيث صارت قلوبهم مرضى من وعيدات أولئك الطغاة الغواة، المتجبرين المستكبرين.
{ وَيُذْهِبْ } بقتل أولئك الكفرة، وقمعهم واستئصالهم { غَيْظَ قُلُوبِهِمْ } أيما حدث وخدش في قلوب هؤلاء الغرباء المؤمنين الذين تركوا أوطانهم؛ لحب دين الإسلام من استيلاء الكفار وكثرة عددهم وعُددهم، وجاههم ومالهم { وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } أي: يصرف ويرجع من الباطل؛ بسبب قلعهم وقمعهم من في قلوبهم مرض من الأقاصي والأداني { وَٱللَّهُ } المطلع لضمائر عباده { عَلِيمٌ } بمخايلهم وأمراض قلوبهم { حَكِيمٌ } [التوبة: 15] في علاجها ودفعها.
ثمَّ قال سبحانه على وجه التشنيع للمؤمنين؛ تحريكاً لحمية الإيمان: { أَمْ حَسِبْتُمْ } وظننتم أيها المؤمنون الكارهون للقتال، المتقاعدون عن امتثال الأوامر الواقعة فيه { أَن تُتْرَكُواْ } على ما أنتم عليه، ولا تؤمروا بالقتال من بعد { وَ } زعمتم زعماً فاسداً { لَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ } ولما يفصل ويميز بعلمه الحضوري { ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ } في سبيله مخلصين خالصاً لرضاه.
{ وَ } مع ذلك { لَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } { وَلاَ } من دون { رَسُولِهِ } المستخلف منه، النائب عنه { وَلاَ } من دون { ٱلْمُؤْمِنِينَ } المرابطين قلوبهم مع الله ورسوله { وَلِيجَةً } أي: بطانةً ومرجعاً يوالونهم ويفشون إليهم سرائرهم، بلى إن الله عليم بجميع ما صدر عنكم من علامات الإخلاص وأمارات النفاق { وَٱللَّهُ } المطلع لجميع أحوالكم { خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [التوبة: 16] أي: تتخيلون وتحضرون من التكاسل والتواني والإلجاء إلى الأعداء والرجوع إليهم في خلواتكم وأسراركم.