التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٢٨
قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ
٢٩
-التوبة

تفسير الجيلاني

ثمَّ قال سبحانه: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } مقتضى إيمانمكم: أن تذبوا وتدفعوا أهل الشرك عن الحرم { إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ } المنغمسون في خباثة الشرك والضلال { نَجَسٌ } يجب أن يُطَّهر بيت الله منهم { فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا } أي: سنة حجة الوداع { وَإِنْ خِفْتُمْ } أيها المؤمنون؛ بسبب إخراجهم ومنعهم عن الحرم { عَيْلَةً } فقراً وقلة زاد ومكتسب { فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } وسعة رزقه { إِن شَآءَ } ترفهكم واتساعكم { إِنَّ ٱللَّهَ } المدبر لأمور عباده { عَلِيمٌ } بمصالحهم { حَكِيمٌ } [التوبة: 28] في إتيانها عند الحاجة ومقدارها.
وبالجملة: { قَاتِلُواْ } أيها الغزاة الحماة لدين الله المشركين { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } وتوحيده { وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } المعدّ لجزاء الأعمال، وإن تفوهوا بالإيمان مداهنةً ونفاقاً لا تبالوا بإيمانهم { وَ } هم ليسوا مراعين مقتضى الإيمان؛ إذ { لاَ يُحَرِّمُونَ } من المحرمات { مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } بإذنه سبحانه { وَ } بالجملة: { لاَ يَدِينُونَ } ولا ينقادون { دِينَ ٱلْحَقِّ } المنزل على الحق؛ ليصلوا إلى مقر التوحيد، وإن كانوا يدعون أنهم { مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } أي: يدعون إتيانه إياهم؛ إذ هم ليسوا على مقتضى الكتاب، وإن ادعوا بهم وبادعائهم، بل قاتلوهم إلى أن تذلوهم وتصاغروهم { حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ } هي التي تجزى بها دينهم حمايةً له { عَن يَدٍ } أي: حال كون إعطائهم صادرة منهم عن يد قاهرة غالبة عليهم { وَهُمْ } في حين الإعطاء { صَاغِرُونَ } [التوبة: 29] ذليلون مهانون، يؤخذ من لحاهم، ويضرب في لهازمهم.