التفاسير

< >
عرض

يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ
٣٢
هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ
٣٣
-التوبة

تفسير الجيلاني

{ يُرِيدُونَ } بأمثال هذه المفتريات الباطلة { أَن يُطْفِئُواْ } أي: يخمدوا ويستروا { نُورَ ٱللَّهِ } المتجلي في الآفاق، المتشعشع في الكائنات { بِأَفْوَٰهِهِمْ } أي: بشركهم الناشئ من أفواههم بلا سند من عقل أو نقل، أو كشف وشهود { وَيَأْبَىٰ } أي: يمنع { ٱللَّهُ } المنز عن التعدد مطلقاً أن يكون له شريك في الوجود { إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ } أي: سوى أن يتجلى بجميع أوصافه وأسمائه على من استخلفه من خلقه، فيتراءى منه جميع آثار أسمائه وأوصافه وأخلاقه، ألا وهو المظهر الكامل، الجامع المحمدي الذي اتحد دون مرتبته صلى الله عليه وسلم قوسا الوجوب والإمكان، ودائرتا الغيب والشهادة.
لذلك قال صلى الله عليه وسلم:
"أنا أتمم مكارم الأخلاق" ، وقال أيضاً: "أنا سيد ولد آدم" وقال أيضاً: "أدم ومن دونه تحت لوائي" ، وقال أيضاً: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن رآني فقد رأى الحق" .
ونزل في شأنه: { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة: 3] إلى غير ذلك ممَّا دل وحدة مرتبته وإحاطتها على جميع المراتب؛ لذلك ختم به صلى الله عليه وسلم أمر الرسالة والتشريع { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } [التوبة: 32] الساترون ظهور الحق، المريدون إطفاء نور الوجود في المشكاة المحمدية، وكيف يريدون إطفاء نوره اللائح اللامع من المظهر الجامع المحمدي؟!.
{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ } الهادي { بِٱلْهُدَىٰ } العام الشامل لكافة البرايا { وَدِينِ ٱلْحَقِّ } وهو الإسلام { لِيُظْهِرَهُ } أي: الرسول ودينه { عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } أي: على كل الأديان، وينسخ جميعها به؛ لابتناء دينه على التوحيد الصرف، الخالي عن شوب التنويه وشين الكثرة مطلقاً { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ } [التوبة: 33] ظهوره بالهداية العامة، ونسخ دينه جميع الأديان؛ لخبث باطنهم.