التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٨١
وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ
٨٢
فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ
٨٣
وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ
٨٤
فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٨٥
وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ
٨٦
-يونس

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ } [يونس: 81] والتمويه، { إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ } [يونس: 81] بثعبان الذكر، فإنه حق التمويه باطل، وإذا جاء الحق وزهق الباطل، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [يونس: 81] من أهل التمويهات.
{ وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ } [يونس: 82] أي: الذكر، { بِكَلِمَاتِهِ } [يونس: 82] وهي لا إله إلا الله، { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } [يونس: 82] من أهل الهوى من النفوس المتمردة الأمارة بالسوء { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ } [يونس: 83] القلب، { إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } [يونس: 83] وهي صفاته ويجوز أن يكون إلهاً في قومه راجعة إلى فرعون النفس أي: ما آمن لموسى القلب إلا بعض صفات فرعون النفس، فإنه يمكن تبديل أخلاقها الذميمة بالأخلاق الحميدة القلبية.
{ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ } [يونس: 83] يعني: من خوف فرعون النفس والهوى والدنيا وشهواتها بأن تبدلوها بأخلاقها الطبيعية التي جبلت النفس عليها، وبهذا يشير إلى أن النفس وإن تبدلت صفاتها الأمارية إلى المطمئنة لا يؤمن مكرها وتبدلها من المطمئنة إلى الأمارية كما كان حال بلعام وبرصيصا، { أَن يَفْتِنَهُمْ } [يونس: 83] بالدنيا وشهواتها للمجاوزين حد الطريقة والشريعة في تحصيل ملاذها وشهواتها وترجع النفس قهقري إلى إشارتها، { وَإِنَّ فِرْعَوْنَ } [يونس: 83] النفس.
{ لَعَالٍ } [يونس: 83] أي: لها علو وقوة، { فِي ٱلأَرْضِ } [يونس: 83] البشرية بالتصرف فيها، { وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } [يونس: 83] المجاوزين حد الشريعة والطريقة في تحصيل ملاذها وشهواتها، { وَقَالَ مُوسَىٰ } [يونس: 84] القلب، { يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ } [يونس: 84] أي: موسى القلب مع صفاته أي: مع صفات النفس التي آمنت بما جاء القلب من الذكر والإلهام ومواهب الحق إن كان إيمانكم حقيقياً من الله وهدايته.
{ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ } [يونس: 84] إلا على الدنيا وملاذها، { إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } [يونس: 84] إن استسلمتم الله وفوضتم أموركم إليه، { فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } [يونس: 85] لا على غيره، ثم رجعوا إلى الله تأكيداًُ لتوكلهم عليه، وطلبوا منه ألا يفتنهم بالقوم الظالمين وهم فرعون النفس والهوى والدنيا فقالوا: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [يونس: 85]، { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ } [يونس: 86] أي: خلصنا، { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } [يونس: 86] أي: من شر قوم يسترون الحق بالباطل ويستعملوننا في التخلق بأخلاقهم الذميمة.