التفاسير

< >
عرض

وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
٢٣
وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِي بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٢٤
وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ
٢٥
وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ
٢٦
وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٢٧
-الروم

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ } [الروم: 23] ليل البشرية { وَٱلنَّهَارِ } [الروم: 23] نهار الروحانية، { وَٱبْتِغَآؤُكُمْ } [الروم: 23] في الواقعات { مِّن فَضْلِهِ } أي: من المواهب الربانية التي هي مشتملة على أنواع المكاشفات والمشاهدات والمكالمات وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [الروم: 23] كلام الله ومخاطباته وإشارة من شجرة الموجودات كما سمع من الشجرة
{ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [القصص: 30] { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً } [الروم: 24] أي: برق شواهد الحق عند انخراق سحاب حجب البشرية وظهور تلألؤ أنوار الروحانية أولها برق، ثم اللوامع ثم الطوالع ثم الإشراق ثم التجلي فينور البرق فيرى شهوات الدنيا أنها نيران فيخاف منها ويتركها ويرى مكروهات تكاليف الشرع على النفس أنها جنان فيطمع فيها ويطلبها.
{ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } [الروم: 24] أي: من سماء الروح ماء الرحمة { فَيُحْيِي بِهِ ٱلأَرْضَ } أرض القلوب { بَعْدَ مَوْتِهَا } بالمعاصي والذنوب واستغراقها ببحر الدنيا وتموج شهواتها برياح الخذلان { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [الروم: 24] لا يبيعون الآخرة بالأولى ولا قربات المولى بنعيم جنة المأوى { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ } [الروم: 25] سماء القلب { وَٱلأَرْضُ } [الروم: 25] أرض النفس { بِأَمْرِهِ } أي: بالروح لأن الروح من أمره، { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ } إلى الحق بجذبة خطاب ارجعي، { دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ } [الروم: 25] { إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } [الروم: 25] يعني: النفس والقلب والروح من أنانية وجودكم إلى هوية جوده، { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [الروم: 26] الروحانية، { وَٱلأَرْضِ } [الروم: 26] أرض البشرية وأرباب القلوب وأصحاب النفوس، { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } [الروم: 26] مطيعون بأن يكونوا مظهر صفات لطفه يعني: له باب القلوب ومظهر صفات نهرهم يعني: أصحاب النفوس ولذلك خلقهم.
{ وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ } [الروم: 27] بإشارة { كُن }، { ثُمَّ يُعِيدُهُ } بنفخ صور إسرافيل { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } يعني: البداءة من الإعادة لأنه في البداءة كان بنفسه مباشراً بنفسه للخليقة وفي الإعادة كان المباشر إسرافيل بنفخه، والمباشرة بنفس الغير في العمل أهون من المباشرة بنفسه عند نظر الخلق وعنده سواء؛ لأن أفعال الأغيار أيضاً مخلوقة وفيه إشارة في غاية الدقة واللطافة أن الخلق أهون عند الله عند الإعادة منهم عند البدأة؛ لأنه في البداية لم يكونوا ملوثين بلوث الحدوث ولا متدنسين بدنس الشرك في الوجود بأن يكونوا شركاء في الوجود مع الله فلعزتهم في البداية باشر بنفسه خلقتهم وفي الإعادة لهوانهم باشر بنفس غيره.
{ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } [الروم: 27] فيما أودع من الآيات في السماوات في سماوات الأرواح والقلوب والأرض وأرض النفوس والأبدان، بالحكمة البالغة والقدرة الكاملة { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } [الروم: 27] أي: أعز من أن تعرفه العقول وتدركه الأبصار { ٱلْحَكِيمُ } [الروم: 27] بأن يعرف من يشاء كمالية ذاته وصفاته بقدر ما يشاء، ويضرهم بمشاهدة جماله وجلاله كما يشاء.