التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً
١٠٢
-النساء

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ } [النساء: 102]، إشارة إلى هذا المعنى؛ يعني: ما دمت بالصورة بينهم وهم ينظرون إليك فقد أدمت لهم الصلاة؛ لأن النظر إليك عبادة، كما { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } [العنكبوت: 45]، فإنك تنهاهم عن الفحشاء والمنكر، وكذلك لمن يكون له نور نبوتك في قلبه متصرف على الدوام فأدمت له الصلاة، فلما لم يكن هذا المقام ميسر لجميع الخلق أن يكون بينهم لا بالصورة ولا بالمعنى قال الله تعالى: { فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ } [النساء: 102]؛ يعني: من الخواص { مِّنْهُمْ } [النساء: 102]، أي: من عوامهم { مَّعَكَ } [النساء: 102]؛ ليكونوا دائمين في الصلاة قائمين مع الله على الدوام، فإن من يكون معك فقد يكون مع الله، لأنك مع الله لقوله تعالى: { { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } [التوبة: 40]، { وَلْيَأْخُذُوۤاْ } [النساء: 102]؛ يعني: طائفة من بقية القوم { أَسْلِحَتَهُمْ } [النساء: 102]، من الطاعات والعبادات دفعاً لعدو النفس والشيطان، { فَإِذَا سَجَدُواْ } [النساء: 102]؛ يعني: من معك ونزلوا مقامات القربة، { فَلْيَكُونُواْ } [النساء: 102]؛ أي: هؤلاء العوام { مِن وَرَآئِكُمْ } [النساء: 102] في المرتبة والمقام والمتابعة ويحفظونكم باشتغالهم بالأمور الدنيوية لحوائجكم بالضرورات الإنسانية، { وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ } [النساء: 102]، بعدكم { لَمْ يُصَلُّواْ } [النساء: 102] معك في الصحبة { فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ } [النساء: 102] الوصلة، { وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ } [النساء: 102]؛ وهو آداب الطريقة، { وَأَسْلِحَتَهُمْ } [النساء: 102]؛ وهي أركان الشريعة بنظر شيخ كامل من أهل الحقيقة، فإنه من جملة الحذر يبقى العبد محروساً عن مكائد كفار النفس والشيطان، { وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ } [النساء: 102]؛ أي: عن أركان الشريعة ومراقبة القلوب في حفظ مواهب الحق وفتوحات الغيب، { فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ } [النساء: 102]؛ يعني: عدو النفس وصفاتها والشيطان وأعوانه، { مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ } [النساء: 102]؛ يعني: من كثرة اشتغال الدنيا وضروريات البشرية تمطر عليكم في بعض الأوقات، { أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ } [النساء: 102] من أركان الشريعة عند الضرورة ساعة فساعة، { وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } [النساء: 102]، من التوجه الحق ومراقبة الأحوال، وحفظ القلب وحضوره مع الله، وخلو السر عن الالتفات بغير الله، ورعاية التسليم والتفويض إلى الله تعالى، والاستمداد من همم المشايخ والالتجاء إلى ولاية النبوة.