التفاسير

< >
عرض

وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً
١٢٨
وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
١٢٩
-النساء

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ } [النساء: 128] يعني: نفس، { خَافَتْ مِن بَعْلِهَا } [النساء: 128]؛ يعني: من الروح المتصرف فيها، { نُشُوزاً } [النساء: 128] في رعاية حقوقها والمداراة معها، { أَوْ إِعْرَاضاً } [النساء: 128] بالكلية بإظهار عداوتها وتشديد في اجتهادها وقصد هلاكها، { فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً } [النساء: 128] بأن تطيع النفس الروح في عبودية الحق، وتترك بعض حظوظها رعاية لحقوقه في طلب الحق، ويؤثر حقوقه عليها معاونة على حصول مقاصده من [حظه] ويواسيها الروح بأن لا يعرض عنها بالكلية ويساعدها في بعض الأوقات مساعدة الراكب في أثناء الطريق لاستراحته عن التعب واستنشاطه للسير، { وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ } [النساء: 128] للروح من الانقطاع طلب المقصد والمقصود، وللنفس من الهلكة في أعراض الروح عنها، والمبالغة في اجتهادها وارتياضها { وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ } [النساء: 128]؛ يعني: كل نفس مجبولة على البخل بنصيبها وحظها، فالروح تسنح بترك حقوق الله تعالى من نفسه، والنفس تسنح بحظوظها من هواها، { وَإِن تُحْسِنُواْ } [النساء: 128]؛ يعني: بالتسوية بينهما في الصلح والعبودية للحق، { وَتَتَّقُواْ } [النساء: 128] الحيف والجور على كل واحد منهما، { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ } [النساء: 128]، في الأزل { بِمَا تَعْمَلُونَ } [النساء: 128] اليوم { خَبِيراً } [النساء: 128]، فإنه أعطى لكل واحد منهما استعداد الإحسان والاتقاء في الأزل، وإلا ما كان لهما الإحسان والاتقاء اليوم، فافهم جيداً.
ثم قال تعالى: { وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } [النساء: 129]؛ يعني: لا تقدرون على تزكية النفوس وتسوية الصفات وتعديلها ولو تحرصون عليها، وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم:
"استقيموا ولن تحصوا" ، ثم قال تعالى: { فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ } [النساء: 129] في رعاية حقوق الروح واستيفاء حظوظ النفس، { فَتَذَرُوهَا } [النساء: 129]؛ يعني: النفس { كَٱلْمُعَلَّقَةِ } [النساء: 129] بين عالم السفل وعالم العلو، { وَإِن تُصْلِحُواْ } [النساء: 129] على العبودية وامتثال الشرع في حفظ الحدود، { وَتَتَّقُواْ } [النساء: 129] طرفي التفريط والإفراط في الحقوق، { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ } [النساء: 129]، في الأزل { غَفُوراً } [النساء: 129] للروح برش النور المقدس، { رَّحِيماً } [النساء: 129] بالنفس حتى صارت مأمورة بعد كانت أمارة، كما قال تعالى: { إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } [يوسف: 53].