التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ
٢
مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ
٣
قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٤
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ
٥
-الأحقاف

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

{ حـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } [الأحقاف: 1-2]، يشير إلى أن حميت قلوب أهل عنايتي عن آفات صفات النفس الأمارة بالسوء، فصرفت عنها خواطر النظر إلى الدنيا وما فيها، ووجهتها للحضرة الربانية، وثبتها على مشاهدة اليقين بنور التحقيق؛ فلاح فيها شواهد برهانهم، فأضفنا بها لطائف إحساننا، فكمل منالها من عين الوصلة، وغديناهم بنسيم الأنس في ساحات القربة، وربيناهم بـ { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } للتأدب بآدبه والتخلق بأخلاقه { مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ }؛ المعز للمؤمنين بإنزال الكتب عليهم، { ٱلْحَكِيمِ } لكتابه عند التبديل والتغير والنسخ. وبقوله: { مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } [الأحقاف: 3]، يشير إلى أن المخلوقات كلها ما خلقت إلا لمعرفة الحق تعالى، قال تعالى: "فخلقت الخلق لأعرف" ، { وَأَجَلٍ مُّسَمًّى } [الأحقاف: 3]، لمعرفة كل عارف، { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّآ أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ } [الأحقاف: 3]؛ ليكونوا مظهر صفات قهره ليعرف أنه تعالى قهار، وفيه إشارة إلى أن الإعراض عما انذروا به كفر.
بقوله: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [الأحقاف: 4]، يشير إلى كل ما يعبد من دون الله من الهوى والشيطان والدنيا والأصنام، { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ }؛ أي: من أرض النفوس، كما خلقتها { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [الأحقاف: 4]؛ أي: في سماوات القلوب؛ ليخلقوا فيها من الحق والباطل، كما أن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء؛ فإن شاء أقامه للحق وإن شاء أزاغه للباطل.
{ ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ } [الأحقاف: 4] من عند الله يا عبدة غير الله، هل لكم فيه دليل على عبادة غير الله، { مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ } [الأحقاف: 4] من المعقول والمنقول والمكاشف والمشاهد بتجويز العبادة لغير الله، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [الأحقاف: 4] فيما يعبدون من دون الله.
{ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ } [الأحقاف: 5]؛ أي: من لا قدرة له على الاستجابة { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } [الأحقاف: 5]، ويدعو دعاء الذي يقول:
{ { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60]، { وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ } [الأحقاف: 5]؛ أي: عن استجابة دعائهم عاطلون.