التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ فَمَا ٱخْتَلَفُواْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
٩٣
-يونس

مجمع البيان في تفسير القرآن

الإعراب: المبوء يجوز أن يكون مصدراً ويجوز أن يكون مكاناً ويكون المفعول الثاني من بوأت على هذا محذوفاً كما حذف من قولـه: { وبوأكم في الأرض } [الأعراف: 74] ويجوز أن ينتصب المبوء نصب المفعول به على الاتساع وإن كان مصدراً فقد أجاز ذلك سيبويه في قولـه أما الضرب فأنت ضارب.
المعنى: ثم بيَّن سبحانه حال بني إسرائيل بعد إهلاك فرعون فقال: { ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوَّأ صدق } أخبر سبحانه عن نعمه عليهم بعد أن أنجاهم وأهلك عدوَّهم يقول مكَّناهم مكاناً محموداً وهو بيت المقدس والشام وإنما قال مبوأ صدق لأن فضل ذلك المنزل على غيره من المنازل كفضل الصدق على الكذب. وقيل: معناه أنزلناهم في موضع خصب وأمن يصدق فيما يدل عليه من جلالة النعمة. وقال الحسن: يريد به مصر وذلك أن موسى عبر ببني إسرائيل البحر ثانياً ورجع إلى مصر وتبوأ مساكن آل فرعون وقال الضحاك هو الشام ومصر { ورزقناهم من الطيبات } أي مكنَّاهم الأشياء اللذيذة وهذا يدل على سعة أرزاق بني إسرائيل:
{ فما اختلفوا حتى جاءهم العلم } معناه فما اختلفوا في تصديق محمد صلى الله عليه وسلم يعني اليهود كانوا مقرّين به قبل مبعثه حتى جاءهم العلم وهو القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم عن ابن عباس. وقال الفراء: العلم محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كان معلوماً عندهم بنعته فلما جاءهم اختلفوا في تصديقه فكفر به أكثرهم. وقيل: إن معناه فما اختلف بنو إسرائيل إلا من بعد ما جاءهم العلم بالحق على يد موسى وهارون فإنهم كانوا مطبقين على الكفر قبل مجيء موسى فلما جاءهم آمن به بعضهم وثبت على الكفر بعضهم فصاروا مختلفين: { إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } هذا إخبار منه تعالى بأنه الذي تولى الحكم بينهم يوم القيامة في الأمور التي يختلفون فيها فإن مع بقاء التكليف لا يرتفع الخلاف.