التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
٤٥
ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ
٤٦
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ
٤٧
لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ
٤٨
نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٤٩
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ
٥٠
-الحجر

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: الغل الحقد الذي ينغل في القلب ومنه الغل الذي يجعل في العنق والغلول الخيانة التي يطوق عارها صاحبها, والسرير المجلس الرفيع موطأ للسرور وجمعه الأسرة والسرر والنصب التعب والوهن الذي يلحق من العمل مشتق من الانتصاب لأن صاحبه ينتصب بالانقطاع عن العمل للوهن الذي يلحقه.
المعنى: لمّا ذكر سبحانه عباده المخلصين عقَّبه بذكر حالهم في الآخرة فقال { إن المتقين } الذين يتقون عقاب الله باجتناب معاصيه { في جنات } أي في بساتين خلقت لهم { وعيون } من ماء وخمر وعسل يفور من الفوارة ثم يجري في مجاريها { ادخلوها بسلام } أي يقال لهم ادخلوا الجنات بسلامة من الآفات وبراءة من المكاره والمضرات { آمنين } من الإخراج منها ساكني النفس إلى انتفاء الضرر فيها.
{ ونزعنا ما في صدورهم من غل } أي وأزلنا عن صدور أهل الجنة ما فيها من أسباب العداوة من الغل أي الحقد والحسد والتنافس والتباغض { إخواناً } منصوب على الحال أي وهم يكونون إخواناً متوادين يريد مثل الإخوان فيصفو لذلك عيشهم { على سرر } أي كائنين على مجالس السرور { متقابلين } متواجهين ينظر بعضهم إلى بعض. قال مجاهد لا يرى الرجل في الجنة قفا زوجته ولا ترى زوجته قفاه لأن الأسرة تدور بهم كيف ما شاءوا حتى يكونوا متقابلين في عموم أحوالهم وقيل متقابلين في الزيادة إذا تزاوروا استوت مجالسهم ومنازلهم وإذا افترقوا كانت منازل بعضهم أرفع من بعض.
{ لا يمسهم فيها } أي في الجنة { نصب } أي عناء وتعب لأنهم لا يحتاجون إلى إتعاب أنفسهم لتحصيل مقاصدهم إذ جميع النعم حاصلة لهم { وما هم منها بمخرجين } أي يبقون فيها مؤبدين.
ثم أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر عباده بكثرة عفوه ومغفرته ورحمته لأوليائه وشدة عذابه لأعدائه فقال { نبىء } يا محمد { عبادي أني أنا الغفور } أي كثير الستر لذنوب المؤمنين { الرحيم } كثير الرحمة لهم { وأن عذابي هو العذاب الأليم } فلا تعولوا على محض غفراني ورحمتي وخافوا عقابي ونقمتي.