التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وٱتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
١٠٣
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: المثوبة والثواب والأجر نظائر ونقيض المثوبة العقوبة يقال ثاب يثوب ثَوْباً وثواباً وأثَابه إِثابة ومثوبة وثواباً والأصل في الثواب ما رجع إليك من شيء يقال اعترت الرجل غَشَيه ثم ثابت إليه نفسه ولذلك سمي الثواب ثواباً لأنه العائد إلى صاحبه مكافاة لما فعل ومنه التثويب في الأذان وهو ترجيع الصوت يقال ثوَّب الداعي إذا كرر دعاءه إلى الحرب أو غيرها ويقال انهزم القوم ثم ثابوا أي رجعوا, والثوب مشتق من هذا أيضاً لأنه ثاب لباساً بعد أن كان قطناً أو غزلاً والمثابة الموضع يثوب إليه الناس وفي الشواذ قرأَ قتادة لمَثْوَبَةَ بسكون الثاء وفتح الواو وهي لغة كما قالوا مَشُوْرَة ومَشْوَرَة وأجمع العرب على قولـهم هذا خير منه وهذا شر منه إلا بعض بني عامر فإنهم يقولون هذا أخير من ذا وأشر من ذا.
الإعراب: اللام في لمثوبة لام الابتداء وهي في موضع جواب لو أنها تنبىء عن قولك لأُثيبوا والضمير في أنهم عائد إلى الذين يتعلمون السحر.
المعنى: ثم قال سبحانه { ولو أنهم } يعني الذين يتعلمون السحر ويعملونه وقيل هم اليهود { آمنوا } أي صدقوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن { واتقوا } السحر والكفر وقيل جميع المعاصي { لمثوبة من عند الله خير } أي لأثيبوا وثواب الله خير { لو كانوا يعلمون } أي لو كانوا يعلمون وليس أنهم كانوا يجهلون ذلك كما يقول الإنسان لصاحبه وهو يعظه ما ادعوك إليه خير لك لو كنت تعقل أو تنظر في العواقب وفي قولـه لو كانوا يعلمون وهو خير علموا أو لم يعلموا وجهان: أحدهما: أن معناه لو كانوا يعلمون لظهر لهم بالعلم ذلك أي لعلموا أن ثواب الله خير من السحر والآخر: أن المعنى فيه الدلالة على جهلهم وترغيبهم في أن يعلموا ذلك وأن يطلبوا ما هو خير لهم من السحر وهو ثواب الله الذي ينال بطاعاته واتباع مرضاته وفي هذه الآية دلالة على بطلان قول أصحاب المعارف لأنه نفي ذلك العلم عنهم.