التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ ٱنْظُرْنَا وَٱسْمَعُواْ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٠٤
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: المراعاة التفقد للشيء في نفسه أو أحواله والمراعاة والمحافظة والمراقبة نظائر ونقيض المراعاة الإغفال ورعى الله فلاناً أي حفظه ورعيت له حقه وعهده فيمن خلف وأرعيته سمعي إذا أصغيت إليه وراعيته بعيني إذا لاحظته, وجمع الراعي رِعاء ورُعاة ورُعيان وكل من وَلِيَ قوماً فهو راعيهم وهم رعيته والمَرْعيّ من الناس المسوس والراعي السائس واسترعاه الله خلقه أي ولاه أمرهم ليرعاهم والإرعاء الإبقاء على أخيك والاسم الرُعوى والرُعيا وراعِني سَمْعَك أي استمع ورجل تِرْعيَّة للذي صنعته وصنعه آبائه الرعاية وقال الشاعر:

يسوسها ترعية حاف فَضَلَّ

وأصل الباب الحفظ ونظَرت الرجل أنظرُ نظرة بمعنى انتظرته وارتقبته.
المعنى: لما قدّم سبحانه نهي اليهود عن السحر عقبّه بالنهي عن إطلاق هذه اللفظة فقال سبحانه { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا } كان المسلمون يقولون يا رسول الله راعنا أي استمع منا فحرّفت اليهود هذه اللفظة فقالوا يا محمد راعنا وهم يلحدون إلى الرعونة يريدون به النقيصة والوقيعة فلما عوتبوا قالوا نقول كما يقول المسلمون فنهى الله عن ذلك بقولـه لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا. وقال قتادة إنها كلمة كانت تقولـها اليهود على وجه الاستهزاء وقال عطاء هي كلمة كانت الأنصار تقولـها في الجاهلية فنهوا عنها في الإسلام وقال السدي كان ذلك كلام يهودي بعينه يقال له رفاعة بن زيد يريد بذلك الرعونة فنُهي المسلمون عن ذلك.
وقال الباقر عليه السلام هذه الكلمة سبّ بالعبرانية إليه كانوا يذهبون وقيل كان معناه عندهم اسمع لا سمعت وروي عن الحسن أنه كان يقرأ راعناً بالتنوين وهو شاذ لا يؤخذ به ومعنى انظرنا يحتمل وجوهاً أحدها: انتظرنا نفهم ونتبين ما تعلمنا والآخر: فقهنا وبين لنا يا محمد والثالث: أقبل علينا ويجوز أن يكون معناه انظر إلينا فحذف حرف الجر وقولـه { واسمعوا } يحتمل أمرين: أحدهما: أن معناه أقبلوا ما يأمركم به قولـه سمع الله لمن حمده وسمع الله دعاءك أي قبله والثاني: أن معناه استمعوا ما يأتيكم به الرسول عن الحسن { وللكافرين } بمحمد والقرآن { عذاب أليم } أي موجع قال الحسن والضحاك كل ما في القرآن يا أيها الذين آمنوا فإنه نزل بالمدينة.