التفاسير

< >
عرض

ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ
٢٨٥
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم وكتابه والباقون وكتبه على الجمع وقرأ يعقوب لا يفرق بالياء والباقون بالنون.
الحجة: من قرأ كتابه على الواحد ففيه وجهان أحدهما: أنه بمعنى القرآن والثاني: أنه بمعنى الجنس فيوافق القراءة الأخرى على الجمع وقد جاء المضاف من الأسماء بمعنى الكثرة نحو قولـه
{ { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } [إبراهيم: 34] وفي الحديث: "منعت العراق درهمها وقفيزها" فهذا يراد به الكثرة كما يراد بما فيه لام التعريف والاختيار فيه الجمع ليشاكل ما قبلـه وما بعده ولأن أكثر القراء عليه ومن قرأ لا يفرق فعلى تقدير لا يفرق الرسول أو كل لا يفرق والنون على تقدير وقالوا لا نفرق كقولـه { { ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا } [السجدة: 12] أي ويقولون ربنا أبصرنا.
الإعراب: غفرانك نصب على أنه بدل من الفعل المأخوذ منه فكأنه قيل اللهم اغفر لنا غفرانك واستغنى بالمصدر عن الفعل في الدعاء فصار بدلاً عنه معاقباً لـه.
المعنى: لما ذكر الله تعالى فرض الصلاة والزكاة وأحكام الشرع وأخبار الأنبياء ختم السورة بذكر تعظيمه وتصديق نبيه صلى الله عليه وسلم بجميع ذلك فقال { آمن الرسول } أي صدّق محمد صلى الله عليه وسلم { بما أنزل إليه من ربه } من الأحكام المذكورة في السورة وغيرها { والمؤمنون كل } أي كل واحد منهم { آمن بالله } أي صدّق بإثباته وصفاته ونفي التشبيه عنه تنزيهه عما لا يليق به { وملائكته } أي وبملائكته وبأنهم معصومون مطهرون { وكتبه } أي وبأن القرآن وجميع ما أنزل من الكتب حقّ وصدق { ورسلـه } وبجميع أنبياء { لا نفرق بين أحد من رسلـه } أي ويقولون لا نفرق بين أحد من رسل الله في الإيمان بأن نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلـه أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
{ وقالوا سمعنا وأطعنا } معناه سمعنا قولك وأطعنا أمرك إذا جعلته راجعاً إلى الله أو سمعنا قولـه وأطعنا أمره إذا جعلته راجعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقيل معناه سمعناه قول الله وقول الرسول سماع القائلين المطيعين وذلك خلاف ما أخبر الله تعالى عن الكفار حيث قالوا سمعنا وعصينا { غفرانك ربنا } أي يقولون يا ربنا اغفر لنا وقيل معناه يقولون نسألك غفرانك { وإليك المصير } معناه إلى جزائك المصير فجعل مصيرهم إلى جزائه مصيراً إليه كقول إبراهيم
{ إني ذاهب إلى ربي سيهدين } [الصافات: 99] ومعناه: إلى ثواب ربي أو إلى ما أمرني به ربي وهذا هو إقرار بالبعث والنشور.