التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُولَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ
٣٩
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: الكفر والتكذيب قد مضى معناهما فيما تقدم ذكره والآيات جمع آية ومعنى الآية في اللغة العلامة ومنه قولـه تعالى: { { عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك } [المائدة: 114] أي علامة لإجابتك دعاءنا وكل آية من كتاب الله علامة ودلالة على المضمون فيها وقال أبو عبيدة معنى الآية أنها علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها وانقطاعه من الذي بعدها وقيل إن الآية القصة والرسالة قال كعب بن زهير:

ألاَ أبْلِغَا هذَا المُعَرّضَ آيَةَ أيقْظَانَ قَالَ القَوْلَ إذْ قَال أَمْ حُلْمُ

أي رسالة فعلى هذا يكون معنى الآيات القصص أي قصة. وقال ابن السكيت: خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم لم يدعوا وراءهم شيئاً وعلى هذا يكون معنى الآية من كتاب الله جماعة حروف دالة على معنى مخصوص, والأصحاب جمع الصاحب وهو القرين وأصل الصحبة المقارنة فالصاحب هو الحاصل مع آخر مدة لأنه إذا اجتمع معه وقتاً واحداً لم يكن صاحباً له لكن يقال صحبه وقتاً من الزمان ثم فارقه.
الإعراب: موضع أولئك يحتمل ثلاثة أوجه أحدها: أن يكون بدلاً من الذين أو عطف بيان وأصحاب النار بيان عن أولئك مجراه مجرى الوصف والخبر هم فيها خالدون. والثاني: أن يكون ابتداء وخبراً في موضع الخبر الأول. والثالث: أن يكون على خبرين بمنزلة خبر واحد كقولك هذا حلو حامض فإن قيل فلم دخلت الفاء في موضع آخر مثل قولـه:
{ { فأولئك لهم عذاب مهين } [الجاثية: 9] ولم يدخل ها هنا قلنا لأن ما دخل فيه الفاء من خبر الذي وأخواته مشبَّه بالجزاء وما لم يكن فيه فاء فهو على أصل الخبر وإذا قلت ما لي فهو لك إن أردت ما بمعنى الذي جاز وإن أردت به المال لم يجز.
المعنى: { الذين كفروا } أي جحدوا: { وكذبوا بآياتنا } أي دلالاتنا وما أنزلناه على الأنبياء { فأولئك أصحاب النار } أي الملازمون للنار: { هم فيها خالدون } أي دائمون وفي هذه الآية دلالة على أن من مات مصرّاً على كفره غير تائب منه وكذب بآيات ربه فهو مخلد في نار جهنم, وآيات الله دلائله وكتبه المنزلة على رسله, والآية مثل الحجة والدلالة وإن كان بينهما فرق في الأصل يقال دلالة هذا الكلام كذا ولا يقال آيته ومن استدل بهذه الآية على أن عمل الجوارح قد يكون من الكفر بقولـه وكذبوا بآياتنا فقولـه يفسد بأن التكذيب نفسه وإن لم يكن كفراً فهو دلالة على الكفر لأنه لا يقع إلا من كافر كالسجود للشمس وغيره.