التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٦٤
-البقرة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: توليتم أعرضتم وهو مطاوع قولـهم ولاه فلان دبره إذا استدبر عنه وجعله خلف ثم يستعمل ذلك في كل تارك طاعة آمر ومعرض بوجهه عنه فيقال تولى فلان عن طاعة فلان وتولى عن صداقته ومنه قولـه: { { فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا } [التوبة: 76] أي خالفوا ما وعدوا الله من قولـهم لنصدقنّ ولنكوننّ من الصالحين والخاسر هو الذي ذهب رأس ماله ورأس مال الإنسان نفسه وما سواها مما يحصل له من المنافع فهو كله ربح.
المعنى: معنى الآية ثم نبذتم العهد الذي أخذناه عليكم بعد إعطائكم المواثيق وراء ظهوركم وأعرضتم عنه: { فلولا فضل الله عليكم } أي فلولا أن الله تفضل عليكم بالتوبة بعد نكثكم الميثاق خطيئتكم بمراجعتكم طاعة ربكم: { لكنتم من الخاسرين } وقال أبو العالية فضل الله الإيمان ورحمته القرآن فيكون معناه لولا إقداري لكم على الإيمان وإزاحة علتكم فيه حتى فعلتم الإيمان لكنتم من الخاسرين وإنما جعل الإيمان فضلاً منه من حيث كان هو الداعي إليه والمقدّر عليه والمرغب فيه ويحتمل أن يكون المعنى فلولا فضل الله عليكم بإمهاله إياكم بعد توليكم عن طاعته حتى تاب عليكم برجوع بعضكم عن ذلك وتوبته لكنتم من الخاسرين ويحتمل أن يريد فلولا فضلي عليكم في رفع الجبل فوقكم للتوفيق واللطف الذي تبتم عنده حتى زال العذاب عنكم وسقوط الجبل لكنتم من الخاسرين.