التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ
١٨٧
-آل عمران

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم ليُبيّننّه بالياء ولا يكتمونه بالياء أيضاً والباقون بالتاء فيهما.
الحجة: حجة من قرأ بالتاء قولُـه
{ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم } [آل عمران: 81] والاتفاق عليه وكذلك قولـه { { وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله } [البقرة: 83] وقد تقدم القول في ذلك وحجة من قرأ بالياء أن الكلام حمل على الغيبة لأَنهم غُيَّب.
المعنى: ثم حكى سبحانه عنهم نقض الميثاق والعهود بعد حكايته عنهم التكذيب بالرسل فقال { وإذ اخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب } قيل أراد به اليهود خاصة وقيل أراد اليهود والنصارى وقيل أراد به كل من أوتي علماً بشيء من الكتب { لتبيننه للناس } أي لتظهرنه للناس والـهاء عائدة إلى محمد صلى الله عليه وسلم في قول سعيد بن جبير والسدي، لأَن في كتابهم أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الدين هو الإِسلام وقيل الـهاء عائدة إلى الكتاب فيدخل فيها بيان أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأَنه في الكتاب عن الحسن وقتادة { ولا تكتمونه } أي ولا تخفونهُ عند الحاجة { فنبذوه وراء ظهورهم } ومعناه ضيّعوه وتركوه وراء ظهورهم فلم يعملوا به وإن كانوا مقّرين بهِ عن ابن عباس ويقال لمن يطرح الشيء ولا يعبأ به رماه بظهره قال الفرزدق:

تَميمَ بْنَ قَيْسٍ لا تَكُونَنَّ حاجَتي بظَهْرٍ ولا يَعْبأ عَلَيَّ جَوَابُها

{ واشتروا به ثمناً قليلاً } أي استبدلوا بعهد الله عليه ومخالفته وميثاقه عوضاً يسيراً من حطام الدنيا يعني ما حصلوه لأَنفسهم من المأكلة والرشا والـهدايا التي أخذوها من تُحُوتهم { فبئس ما يشترون } أي بئس الشيء ذلك إذ يستحقون به العذاب الأليم وإن كان نفعاً عاجلاً. ودلَّت الآية على وجوب إظهار الحق وتحريم كتمانِه فيدخل فيه بيان الدين والأَحكام والفتاوى والشهادات وغير ذلك من الأمور التي يختص بها العلماء. وروى الثعلبي في تفسيره بإسناده عن الحسن بن عمارة قال: أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث فألفيتُه على بابِه فقلت إن رأيت أن تحدثني فقال أو ما علمت أني تركت الحديث؟ فقلت: إمّا أن تحدثني وإمّا أنْ أحدثك. فقال: حَدِّثني فقلت: حدثني الحكم بن عيينة عن نجم الجزار قال سمعت علي بن أبي طالب (ع) يقول: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يُعلّموا. قال: فحدثني أربعين حديثاً.