التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ
٤٢
يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِي لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِي وَٱرْكَعِي مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ
٤٣
-آل عمران

مجمع البيان في تفسير القرآن

المعنى: قدّم تعالى ذكر امرأة عمران وفضل بنتها على الجملة ثم ذكر تفصيل تلك الجملة فقال { وإذ قالت الملائكة } إذ هذه معطوفة على إذ في قولـه إذ قالت امرأة عمران أو يكون معناه اذكر إذ قالت الملائكة وقيل يعني جبريل وحده { يا مريم إن الله اصطفاك } أي اختارك وألطف لك حتى تفرغت لعبادته واتباع مرضاته وقيل معناه اصطفاك لولادة المسيح عن الزجاج { وطهَّرك } بالإيمان عن الكفر وبالطاعة عن المعصية عن الحسن وسعيد بن جبير، وقيل طهَّرك من الأدناس والأقذار التي تعرض للنساء من الحيض والنفاس حتى صرت صالحة لخدمة المسجد عن الزجاج، وقيل طهَّرك من الأخلاق الذميمة والطبائع الرّدية.
{ واصطفاك على نساء العالمين } أي على نساء عالمي زمانك لأن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليها وعلى أبيها وبعلـها وبنيها سيدة نساء العالمين وهو قول أبي جعفر (ع) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" "فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين " وقال أبو جعفر معنى الآية اصطفيك من ذرية الأنبياء وطهَّرك من السفاح واصطفاك لولادة عيسى (ع) من غير فحل وخرج بهذا من أن يكون تكريراً إذ يكون الاصطفاء على معنيين مختلفين { يا مريم اقنتي لربك } أي اعبديه واخلصي لـه العبادة عن سعيد بن جبير، وقيل معناه أديمي الطاعة لـه عن قتادة وقيل أطيلي القيام في الصلاة عن مجاهد { واسجدي واركعي مع الراكعين } أي كما يعمل الساجدون والراكعون لا أن يكون ذلك أمراً لـها بأن تعمل السجود والركوع معهم في الجماعة وقدَّم السجود على الركوع لأن الواو لا توجب الترتيب فإنها في الأشياء المتغايرة نظيرة التثنية في المتماثلة وإنما توجب الجمع والاشتراك وقيل معناه واسجدي لله شكراً واركعي أي وَصَلّي مع المصلين وقيل معناه صلي في الجماعة عن الجبائي.