التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٥٦
وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ
٥٧
ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ
٥٨
-آل عمران

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: قرأ حفص ورويس عن يعقوب فيوفيهم بالياء والباقون بالنون.
الحجة: من قرأ بالنون فهو مثل فأعذبهم ويحسنه قولـه ذلك نتلوه عليك من الآيات ومن قرأ بالياء فلأن ذكر الله قد تقدم في قولـه { إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك } أو صار من لفظ الخطاب إلى الغيبة كقولـه
{ فأولئك هم المضعفون } [الروم: 39] بعد قولـه { { وما آتيتم من زكاة } [الروم: 39].
الإعراب: نتلوه عليك في موضع رفع بأنه خبر ذلك ويجوز أن يكون صلة لذلك ويكون ذلك بمعنى الذي فعلى هذا لا موضع لقولـه نتلوه وتقديره الذي نتلوه وقولـه من الآيات في موضع رفع بأنه خبره وأنشدوا في مثلـه:

عَدَسْ ما لِعَبَّادٍ عَلَيْكَ إِمَارَةٌ نَجَوْتِ وَهذا تَحْمِلينَ طَليقُ

تقديره والذي تحملين طليق.
المعنى: { فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة } عذابهم في الدنيا إذلالـهم بالقتل والأسر والسبي والخسف والجزية وكل ما فعل على وجه الاستخفاف والإهانة وفي الآخرة عذاب الأبد في النار { وما لـهم من ناصرين } أي أعوان يدفعون عنهم عذاب الله تعالى { وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم } أي يوفر عليهم ويتمّم { أجورهم } أي جزاء أعمالـهم { والله لا يحب الظالمين } أي لا يريد تعظيمهم وإثباتهم ولا يرحمهم ولا يثني عليهم وهذه الآية حجة على من قال بالإحباط لأنه سبحانه وعد بتوفية الأجر وهو الثواب والتوفية منافية للإحباط { ذلك } إشارة إلى الأخبار عن عيسى وزكريا ويحيى وغيرهم { نتلوه عليك } نقرأه عليك ونكلمك به وقيل نأمر جبرائيل أن يتلوه عليك عن الجبائي { من الآيات } أي من جملة الآيات والحجج الدالة على صدق نبوتك إذا علمتهم بما لا يعلمه إلا قارئ كتاب أو معلم ولست بواحد منها فلم يبق إلا أنك عرفته من طريق الوحي { والذكر الحكيم } القرآن المحكم وإنما وصفه بأنه حكيم لأنه بما فيه من الحكمة كأنه ينطق بالحكمة كما تسمى الدلالة دليلاً لأنها بما فيها من البيان كأنها تنطق بالبيان والبرهان وإن كان الدليل في الحقيقة هو الدّال.