التفاسير

< >
عرض

وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً
١٣١
وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً
١٣٢
-النساء

مجمع البيان في تفسير القرآن

المعنى: ثم ذكر سبحانه بعد إخباره بإغناء كل واحد من الزوجين بعد الافتراق من سعة فضله ما يوجب الرغبة إليه في ابتغاء الخير منه فقال { ولله ما في السماوات وما في الأرض } إخباراً عن كمال قدرته وسعة ملكه أي: فإنّ من يملك ما في السماوات وما في الأرض لا يتعذر عليه الإغناء بعد الفرقة، والإيناس بعد الوحشة ثم ذكر الوصية بالتقوى فإن بها ينال خير الدنيا والآخرة فقال { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } من اليهود والنصارى وغيرهم { وإياكم } أي وأوصيناكم أيها المسلمون في كتابكم { أن اتقوا الله } وتقديره بأن اتقوا الله أي اتقوا عقابه باتقاء معاصيه ولا تخالفوا أمره ونهيه { وإن تكفروا } أي تجحدوا وصيته إياكم وتخالفوها { فإن لله ما في السماوات وما في الأرض } لا يضره كفرانكم وعصيانكم وهذه إشارة إلى أن أمره جميع الأمم بطاعته ونهيه إياهم عن معصيته ليس استكثاراً بهم عن قلة ولا استنصاراً بهم عن ذلة ولا استغناء بهم عن حاجة فإن له ما في السماوات وما في الأرض مِلكاً ومُلكاً وخلقاً لا يلحقه العجز ولا يعتريه الضعف ولا تجوز عليه الحاجة وإنما أمرنا ونهانا نعمة منه علينا ورحمة بنا.
{ وكان الله غنياً } أي لم يزل سبحانه غير محتاج إلى خلقه بل الخلائق كلهم محتاجون إليه { حميداً } أي مستوجباً للحمد عليكم بصنائعه الحميدة إليكم وآلائه الجميلة لديكم فاستديموا ذلك باتقاء معاصيه والمسارعة إلى طاعته فيما يأمركم به.
ثم قال: { ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً } أي حافظاً لجميعه لا يعزب عنه علم شيء منه ولا يؤوده حفظه وتدبيره ولا يحتاج مع سعة ملكه إلى غيره وأما وجه التكرار لقولـه: { ولله ما في السماوات وما في الأرض } في الآيتين ثلاث مرات فقد قيل: إنه للتأكيد والتذكير. وقيل: إنه للإبانة عن علل ثلاث أحدها: بيان إيجاب طاعته فيما قضى به لأن له ملك السماوات والأرض والثاني: بيان غناه عن خلقه وحاجتهم إليه واستحقاقه الحمد على النعم لأن له ما في السماوات وما في الأرض والثالث: بيان حفظه إياهم وتدبيره لهم لأن له ملك السماوات والأرض.