التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ
٥٨
-المائدة

مجمع البيان في تفسير القرآن

اللغة: النداء الدعاء بمدّ الصوت على طريقة يا فلان وأصله نَدَى الصّوتِ وهو بُعد مذهبِه وصحةُ جِرْمِهِ ومنه قولـه أناديك ولا أناجيك أي أعالِنك الندا ولا أسرّ لك النجوى قال أبو ذهيل:

وَأَبْرَزْتُها مِنْ بَطْنِ مَكَّةَ بَعْدَمَـــا أَصاتَ الْمُنادي بِالصّلاَةِ فَأَعْتما

وأصل الباب الندو وهو الاجتماع يقال: ندا القوم يندون ندواً أي اجتمعوا في النادي ومنه دار الندوة ونَدَى الماءِ لأَنه يجتمع قليلاً قليلاً وَنَدى الصوتِ منه لأَنه عن جِرم الندى.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن صفة الكفار الذين نهى الله المؤمنين عن موالاتهم فقال { وإذا ناديتم } أيها المؤمنون { إلى الصلاة } أي دعوتم إليها { اتخذوها } أي اتخذوا الصلاة { هزواً ولعباً } وقيل: في معناه قولان: أحدهما: أنهم كانوا إذا أذن المؤذن للصلاة تضاحكوا فيما بينهم وتغامزوا على طريق السُخْف والمجون تجهيلاً لأَهلها وتنفيراً للناس عنها وعن الداعي إليها والآخر: أنهم كانوا يرون المنادي إليها بمنزلة اللاعب الهازئ بفعلها جهلاً منهم بمنزلتها.
{ ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } وقيل فيه قولان: أحدهما: أنهم لا يعقلون ما لهم في إجابتهم لو أجابوا إليها من الثواب وما عليهم في استهزائهم بها من العقاب والثاني: أنهم بمنزلة من لا عقل له يمنعه من القبائح ويردعه عن الفواحش قال السدي كان رجل من النصارى بالمدينة فسمع المؤذن ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فقال: حُرّق الكاذب فدخلت خادمة له ليلة بنار وهو نائم وأهله فسقطت بشرارة فاحترق هو وأهله واحترق البيت.