التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ
١٢٧
-الأعراف

مجمع البيان في تفسير القرآن

القراءة: روي عن علي بن أبي طالب (ع) وابن عباس وابن مسعود وأنس بن مالك وعلقمة وغيرهم ويذرك وآلهتك. وعن نعيم بن ميسرة والحسن بخلاف ويذرُك بالرفع وعن الأشهب ويَذْرك بسكون الراء والقراءة المشهورة ويذرك وآلهتك وقرأ أهل الحجاز سنَقْتُل أبناءهم بالتخفيف والباقون سنُقَتِّل بالتشديد.
الحجة: أما الآلهة فإنه الربوبية والعبادة فمن قرأ وآلهتك فمعناه ويذرك وربوبيتك عن الزجاج. وقيل: عبادتك عن ابن جني قال ومنه سميت الشمس الآلهة والآلهة لأنهم كانوا يعبدونها ومن قرأ ويذرُك بالرفع فإنه على الاستئناف أي وهو يذرك وأما من أسكن فقال ويذْرك فإنه كقراءة أبي عمرو وان الله يأمُرُكم وقد مضى الكلام في ذلك ومن نصب ويذَرَك فإنه على جواب الاستفهام بالواو فيكون المعنى أيكون منك أن تذر موسى وأن يذرك ويجوز أن يكون عطفاً على ليفسدوا ومن قرأ سنَقْتُل بالتخفيف فإنه قد يقع ذلك على التكثير وغير التكثير والتثقيل بهذا المعنى أخصّ وبالموضع اليق.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن قوم فرعون فقال سبحانه { وقال الملأ من قوم فرعون } لما أسلم السحرة تحريضاً له على موسى { أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض } أي أتتركهم أحياء ليظهروا خلافك ويدعوا الناس إلى مخالفتك ليغلبوا عليك فيفسد به ملكك وأمرك. وقيل: ليفسدوا في الأرض بعبادة غيرك والدعاء إلى خلاف دينك. وقيل: ليفسدوا فيها بالغلبة عليها وأخذ موسى قومه منها وروي عن ابن عباس أنه لمّا آمن السحرة أسلم من بني إسرائيل ستمائة ألف نفس واتَّبعوه.
{ ويذرك وآلهتك } قال الحسن كان فرعون يستعبد الناس ويعبد الأصنام بنفسه وكان الناس يعبدونها تقرّباً إليه وقال السدي: كان يعبد ما يستحسن من البقر وروي أنه كان يأمرهم أيضاً بعبادة البقر ولذلك أخرج السامري لهم عجلاً جسداً له خوار وقال هذا إلهكم وإله موسى وقال الزجاج: كانت له أصنام يعبدها قومه تقرباً إليه ومن قرأ وآلهتك قال كان فرعون يستعبد الناس بنفسه ولا يعبد شيئاً وروي عن مجاهد أنه قال كان فرعون يُعبد ولا يعبُد.
{ قال } فرعون { سنقتل أبناءهم } الذين يكون فيهم النجدة والقوة ويصلحون للقتال { ونستحيي نساءهم } أي بناتهم نستبقيهن إذ لا يكون فيهن نجدة وقوة للمهنة والخدمة استذلالهنَّ وإن كان فرعون قد انقطع طمعه عن قتل موسى وقومه فلم يقل سأقتل موسى وقومه لما رأى من علّو أمره وعظم شأنه فانتقل إلى عذاب المستضعفين منهم وهم أبناء بني إسرائيل وبناتهم ليوهم أنه يتمّ له ذلك فيهم أيضاً { وإنا فوقهم قاهرون } ظاهر المعنى.