التفاسير

< >
عرض

يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجِّ وَلَيْسَ ٱلْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰ وَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٨٩
-البقرة

تفسير القرآن

قوله: { ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } فإن المواقيت منها معروفة مشهورة في أوقات معروفة، ومنها مبهمة فأما المواقيت المعروفة المشهورة فأربعة، الأشهر الحرم التي ذكرها الله في قوله { { منها أربعة حرم } [التوبة: 36] والإِثنا عشر شهراً التي خلقها الله تعرف بالهلال، أولها المحرم وآخرها ذو الحجة، والأربعة الحرم رجب مفرد وذو القعدة وذو الحجة والمحرم متصلة، حرم الله فيها القتال، ويضاعف فيها الذنوب وكذلك الحسنات، وأشهر السياحة معروفة وهي عشرون من شهر ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر (ون ط) من شهر ربيع الآخر، وهي التي أحل الله فيها قتال المشركين في قوله { فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } [التوبة: 2] وأشهر الحج معروفة، وهي شوال وذوالقعدة وذوالحجة وإنما صارت أشهر الحج لأنه من اعتمر في هذه الأشهر في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة ونوى أن يقيم بمكة حتى يحج فقد تمتع بالعمرة إلى الحج، ومن اعتمر في غير هذه الأشهر ثم نوى أن يقيم إلى الحج أو لم ينو فليس هو ممن تمتع بالعمرة إلى الحج لأنه لم يدخل مكة في أشهر الحج فسمي هذه أشهر الحج فقال الله تبارك وتعالى { الحج أشهر معلومات } وشهر رمضان معروف، وأما المواقيت المبهمة التي إذا حدث الأمر وجب فيها انتظار تلك الأشهر فعدة النساء في الطلاق، والمتوفي عنها زوجها، فإذا طلقها زوجها فإن كانت تحيض تعتد الإِقراء التي قال الله عز وجل، وإن كانت لا تحيض تعتد بثلاثة أشهر بيض لآدم فيها، وعدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً، وعدة المطلقه الحبلى أن تضع ما في بطنها، وعدة الإِيلاء أربعة أشهر، وكذلك في الديون إلى الأجل الذي يكون بينهم وشهرين متتابعين في الظهار. ط وصيام شهرين متتابعين في كفارة قتل الخطأ وعشرة أيام للصوم في الحج لمن لم يجد الهدي، وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب، فهذه المواقيت المعروفة والمبهمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج }.
وأما قوله { ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها } قال نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام لقول رسول الله صلى الله عليه وآله
"أنا مدينة العلم وعلي عليه السلام بابها ولا تدخلوا المدينة إلا من بابها" .