التفاسير

< >
عرض

إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٢٢
-آل عمران

تفسير القرآن

قوله: { إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا } نزلت في عبد الله بن أبي وقوم من أصحابه اتبعوا رأيه في ترك الخروج عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله قال وكان سبب غزوة أحد أن قريشاً لما رجعت من بدر إلى مكة وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر لأنه قتل منهم سبعون وأسر منهم سبعون، فلما رجعوا إلى مكة قال أبو سفيان يا معشر قريش لا تدعوا النساء تبكي على قتلاكم فإن البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والحرقة والعداوة لمحمد ويشمت بنا محمد وأصحابه، فلما غزوا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أحد أذنوا لنساء‌هم بعد ذلك في البكاء والنوح، فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أحد ساروا في حلفائهم من كنانة وغيرها فجمعوا الجموع والسلاح وخرجوا من مكة في ثلاثة آلاف فارس وألفي راجل وأخرجوا معهم النساء يذكرنهم ويحثنهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وأخرج أبو سفيان هند بنت عتبة وخرجت معهم عمرة بنت علقمة الحارثية.
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك جمع أصحابه وأخبرهم أن الله قد أخبره أن قريشاً قد تجمعت تريد المدينة، وحث أصحابه على الجهاد والخروج، فقال عبد الله بن أبي (سلول ط) وقومه يا رسول الله لا تخرج من المدينة حتى نقاتل في ازقتها، فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والأمة على أفواه السكك وعلى السطوح فما أرادنا قوم قط فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودورنا وما خرجنا إلى أعدائنا قط إلا كان الظفر لهم، فقام سعد بن معاذرحمه الله وغيره من الأوس فقالوا يا رسول الله ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام فكيف يطمعون فينا وأنت فينا لا، حتى نخرج إليهم فنقاتلهم فمن قتل منا كان شهيداً ومن نجى منا كان قد جاهد في سبيل الله فقبل رسول الله قوله وخرج مع نفر من أصحابه يبتغون موضع القتال كما قال الله { وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين - إلى قوله - إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا } يعني عبدالله بن أبي وأصحابه، فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله معسكره مما يلي من طريق العراق وقعد عبد الله بن أبي وقومه من الخزرج اتبعوا رأيه، ووافت قريش إلى أحد وكان رسول الله صلى الله عليه وآله عد أصحابه وكانوا سبعمائة رجلاً، فوضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب وأشفق أن يأتي كمينهم في ذلك المكان فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعبد الله ابن جبير وأصحابه إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تخرجوا من هذا المكان وإن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا والزموا مراكزكم، ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مأئتي فارس كميناًَ، وقال لهم إذا رأيتمونا قد اختلطنا بهم فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم.
فلما أقبلت الخيل واصطفوا وعبأ رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه دفع الراية إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فحملت الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ووقع أصحاب رسول الله في سوادهم وانحط خالد بن الوليد في مأتي فارس، فلقي عبد الله بن جبير فاستقبلوهم بالسهام فرجعوا ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله ينهبون سواد القوم، قالوا لعبد الله بن جبير تقيمنا ها هنا وقد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة، فقال لهم عبد الله اتقوا الله فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد تقدم إلينا أن لا نبرح، فلم يقبلوا منه وأقبل ينسل رجل فرجل حتى أخلوا من مركزهم وبقي عبد الله بن جبير في اثنى عشر رجلاً، وقد كانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العدوي من بني عبد الدار فبرز ونادى يا محمد! تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار ونجهزكم بأسيافنا إلى الجنة فمن شاء أن يلحق بجنته فليبرز إلي، فبرز أليه أمير المؤمنين عليه السلام يقول:

يا طلح إن كنت كما تقول لنا خيول ولكم نصول
فاثبت لننظر أينا المقتول وأينا أولى بما تقول
فقد أتاك الأسد الصؤل بصارم ليس به فلول
بنصرة القاهر والرسول

فقال طلحة من انت يا غلام؟ قال أنا علي بن أبي طالب قال قد علمت ياقضيم إنه لا يجسر علي أحد غيرك، فشد عليه طلحة فضربه فإتقاه أمير المؤمنين عليه السلام بالجحفة ثم ضربه أمير المؤمنين عليه السلام على فخذيه فقطعهما جميعاً فسقط على ظهره، وسقطت الراية، فذهب علي عليه السلام ليجهز عليه فحلفه بالرحم فانصرف عنه فقال المسلمون ألا أجهزت عليه؟ قال قد ضربته ضربة لا يعيش منها أبداً، وأخذ الراية أبو سعيد بن أبي طلحه فقتله علي عليه السلام وسقطت الراية على الأرض، فأخذها شافع (مسافع ط) بن أبي طلحة فقتله علي عليه السلام فسقطت الراية إلى الأرض فأخذها عثمان بن أبي طلحة فقتله علي عليه السلام فسقطت الراية إلى الأرض فأخذها الحارث بن أبي طلحة فقتله علي عليه السلام، فسقطت الراية إلى الأرض، وأخذها أبو عذير بن عثمان فقتله علي عليه السلام وسقطت الراية إلى الأرض فأخذها عبد الله بن أبي جميلة بن زهير فقتله علي عليه السلام وسقطت الراية إلى الأرض، فقتل أمير المؤمنين عليه السلام التاسع من بني عبد الدار وهو أرطاة بن شرحبيل مبارزة وسقطت الراية إلى الأرض، فأخذها مولاهم صواب فضربه أمير المؤمنين عليه السلام على يمينه فقطعها وسقطت الراية إلى الأرض فأخذها بشماله فضربه أمير المؤمنين عليه السلام على شماله فقطعها وسقطت الراية إلى الأرض، فاحتضنها بيديه المقطوعتين ثم قال يا بني عبد الدار هل أعذرت فيما بيني وبينكم؟ فضربه أمير المؤمنين عليه السلام على رأسه فقتله، وسقطت الراية إلى الأرض، فأخذتها عمرة بنت علقمة الحارثية فقبضتها.
وانحط خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير وقد فر أصحابه وبقي في نفر قليل فقتلوهم على باب شعب واستعقبوا المسلمين فوضعوا فيهم السيف، ونظرت قريش في هزيمتها إلى الراية قد رفعت فلاذوا بها وأقبل خالد بن الوليد يقتلهم، فانهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله هزيمة قبيحة وأقبلوا يصعدون في الجبال وفي كل وجه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله الهزيمة كشف البيضة عن رأسه وقال:
"إني أنا رسول الله إلى أين تفرون عن الله وعن رسوله"
؟. وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن معنى قول طلحة بن أبي طلحة لما بارزه علي عليه السلام يا قضيم، قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان بمكة لم يجسر عليه أحد لموضع أبي طالب وأغروا به الصبيان وكانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يرمونه بالحجارة والتراب فشكى ذلك إلى علي عليه السلام فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله إذا خرجت فأخرجني معك فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه أمير المؤمنين عليه السلام فتعرض الصبيان لرسول الله صلى الله عليه وآله كعادتهم فحمل عليهم أمير المؤمنين عليه السلام وكان يقضمهم في وجوههم وآنافهم وآذانهم فكانوا يرجعون باكين إلى آبائهم ويقولون قضمنا علي قضمنا علي فسمي لذلك "القضيم".
وروي عن أبي واثلة شقيق بن سلمة قال كنت أماشي فلاناً إذ سمعت منه همهمة، فقلت له مه، ماذا يافلان؟ قال ويحك أما ترى الهزبر القضم ابن القضم، والضارب بالبهم، الشديد علي من طغى وبغى، بالسيفين والراية، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب، فقلت له يا هذا هو علي بن أبي طالب، فقال إدن مني أحدثك عن شجاعته وبطولته، بايعنا النبي يوم أحد على أن لا نفر ومن فر منا فهو ضال ومن قتل منا فهو شهيد والنبي زعيمه، إذ حمل علينا مائة صنديد تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون فازعجونا عن طحونتنا فرأيت علياً كالليث يتقي الذر (الدر ط) وإذ قد حمل كفاً من حصى فرمى به في وجوهنا ثم قال شاهت الوجوه وقطت وبطت ولطت، إلى أين تفرون، إلى النار، فلم ترجع، ثم كر علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت، فقال بايعتم ثم نكثتم، فوالله لأنتم أولى بالقتل ممن قتل، فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان ناراً، أو كالقدحين المملوئين دماً، فما ظننت إلا ويأتي علينا كلنا، فبادرت أنا إليه من بين أصحابي فقلت يا أبا الحسن الله الله، فإن العرب تكر وتفر وإن الكرة تنفي الفرة، فكأنه عليه السلام استحيى فولى بوجهه عني، فما زلت أسكن روعة فؤادي، فوالله ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة.
ولم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أبو دجانة الأنصاري، وسماك بن خرشة وأمير المؤمنين عليه السلام، فكلما حملت طائفة على رسول الله صلى الله عليه وآله استقبلهم أمير المؤمنين فيدفعهم عن رسول الله ويقتلهم حتى انقطع سيفه، وبقيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله نسيبة بنت كعب المازنية، وكانت تخرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزواته تداوي الجرحى، وكان ابنها معها فأراد أن ينهزم ويتراجع، فحملت عليه فقالت يا بني إلى أين تفر عن الله وعن رسوله؟ فردته، فحمل عليه رجل فقتله، فأخذت سيف ابنها فحملت علي الرجل فضربته على فخذه فقتلته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله بارك الله عليك يا نسيبة وكانت تقي رسول الله صلى الله عليه وآله بصدرها وثدييها ويديها حتى أصابتها جراحات كثيرة، وحمل ابن قميتة (قمية ط) على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أروني محمداً لا نجوت إن نجا محمد، فضربه علي حبل عاتقه، ونادى قتلت محمداً واللات والعزى، ونظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ظهره وهو في الهزيمة، فناداه "ياصاحب الترس ألق ترسك ومر إلى النار" فرمى بترسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا نسيبة خذي الترس فاخذت الترس وكانت تقاتل المشركين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لمقام نسيبة أفضل من مقام فلان وفلان".
فلما انقطع سيف أمير المؤمنين عليه السلام جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله إن الرجل يقاتل بالسلاح وقد انقطع سيفي فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وآله سيفه "ذا الفقار" فقال قاتل بهذا، ولم يكن يحمل على رسول الله صلى الله عليه وآله أحداً إلا يستقبله أمير المؤمنين عليه السلام، فاذا رأوه رجعوا فانحاز رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ناحية أحد، فوقف وكان القتال من وجه واحد وقد انهزم أصحابه فلم يزل أمير المؤمنين عليه السلام يقاتلهم حتى أصابه في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة فتحاموه، وسمعوا منادياً ينادي من السماء "لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي" فنزل جبرائيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: "هذه والله المواساة يا محمد" فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لأني منه وهو مني" وقال جبرائيل "وأنا منكما".
وكانت هند بنت عتبة في وسط العسكر، فكلما انهزم رجل من قريش رفعت إليه ميلاً ومكحلة وقالت إنما أنت امرأة فاكتحل بهذا، وكان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له واحد وكانت هند بنت عتبة قد أعطت وحشياً عهداً لأن قتلت محمداً أو علياً أو حمزة لأعطيتك رضاك وكان وحشي عبداً لجبير بن مطعم حبشياً، فقال وحشي أما محمد فلا أقدر عليه وأما علي فرأيته رجلاً حذراً كثير الالتفات فلم أطمع فيه قال: فكمنت لحمزة فرأيته يهد الناس هداً فمر بي فوطى على جرف نهر فسقط، فأخذت حربتي فهززتها ورميته فوقعت في خاصرته وخرجت من مثانته مغمسة بالدم فسقط فأتيته فشققت بطنه وأخذت كبده وأتيت بها إلى هند فقلت لها هذه كبد حمزة، فأخذتها في فيها فلاكتها فجعلها الله في فيها مثل الداغصة فلفظتها ورمت بها فبعث الله ملكاً فحملها وردها إلى موضعها، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يأبى الله أن يدخل شيئاً من بدن حمزة النار، فجاء‌ت إليه هند فقطعت مذاكيره وقطعت أذنيه وجعلتهما خرصين وشدتهما في عنقها، وقطعت يديه ورجليه وتراجعت الناس فصارت قريش على الجبل، فقال أبو سفيان وهو على الجبل "أعلا هبل" فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام قل له: "الله أعلا وأجل" فقال يا علي إنه قد أنعم علينا فقال علي عليه السلام: بل الله أنعم علينا ثم قال أبو سفيان: يا علي أسألك باللات والعزى هل قتل محمد؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام لعنك الله ولعن الله اللات والعزى معك، والله ما قتل محمد صلى الله عليه وآله وهو يسمع كلامك، فقال: أنت أصدق، لعن الله ابن قميته زعم أنه قتل محمداً.
وكان عمرو بن قيس قد تأخر إسلامه فلما بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله في الحرب أخذ سيفه وترسه وأقبل كالليث العادي يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدأ رسول الله ثم خالط القوم فاستشهد فمر به رجل من الأنصار فرآه صريعاً بين القتلى فقال يا عمرو أنت على دينك الأول؟ فقال معاذ الله، والله إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم مات، فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يا رسول الله إن عمرو بن قيس قد أسلم فهو شهيد؟ فقال أي والله إنه شهيد، ما رجل لم يصل لله ركعة دخل الجنة غيره.
وكان حنظلة بن أبي عامر رجل من الخزرج، قد تزوج في تلك الليلة التي كان في صبيحتها حرب أُحد، بنت عبدالله بن أبي سلول ودخل بها في تلك الليلة، واستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقيم عندها فأنزل الله:
{ { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم } [النور: 62] فأذن له رسول الله صلى الله عليه وآله، فهذه الآية في سورة النور وأخبار أُحد في سورة آل عمران فهذا دليل على أن التأليف على خلاف ما أنزله الله، فدخل حنظلة باهله وواقع عليها فأصبح وخرج وهو جنب، فحضر القتال فبعث امرأته إلى أربعة نفر من الأنصار لما أراد حنظلة أن يخرج من عندها وأشهدت عليه أنه قد واقعها فقيل لها لم فعلت ذلك؟ قالت رأيت في هذه الليلة في نومي كأن السماء قد انفرجت فوقع فيها حنظلة ثم انظمت، فعلمت أنها الشهادة فكرهت أن لا أشهد عليه، فحملت منه.
فلما حضر القتال نظر حنظلة إلى أبي سفيان على فرس يجول بين العسكرين فحمل عليه فضرب عرقوب فرسه فاكتسعت الفرص وسقط أبو سفيان إلى الأرض وصاح يا معشر قريش أنا أبو سفيان وهذا حنظلة يريد قتلي وعدا أبو سفيان ومر حنظلة في طلبه فعرض له رجل من المشركين فطعنه فمشى إلى المشرك في طعنه فضربه فقتله، وسقط حنظلة إلى الأرض بين حمزة وعمرو بن الجموح وعبد الله بن حزام وجماعة من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: رأيت الملائكة يغسلون حنظلة بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف من ذهب، فكان يسمى غسيل الملائكة.
وروي أن مغيرة بن العاص كان رجلاً أعسر فحمل في طريقة إلى أُحد ثلاثة أحجار، فقال: بهذه أقتل محمداً، فلما حضر القتال نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وبيده السيف فرماه بحجر، فأصاب به رسول الله صلى الله عليه وآله فسقط السيف من يده فقال قتلته واللات والعزى فقال أمير المؤمنين عليه السلام كذب لعنه الله، فرماه بحجر آخر فأصاب جبهته فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم حيره، فلما انكشف الناس تحير فلحقه عمار بن ياسر فقتله، وسلط الله على ابن قميته الشجر فكان يمر بالشجرة فيقع وسطها فتأخذ من لحمه فلم يزل كذلك حتى صار مثل الصرر ومات لعنه الله.