التفاسير

< >
عرض

إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٥٣
ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
١٥٤
-آل عمران

تفسير القرآن

ذكر المنهزمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: { إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم } [153] إلى قوله { خبير بما تعملون } وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله { فأثابكم غماً بغم } فأما الغم الأول فالهزيمة والقتل، وأما الغم الآخر فإشراف خالد بن الوليد عليهم يقول: { لكيلا تحزنوا على ما فاتكم } من الغنيمة { ولا ما أصابكم } يعني قتل إخوانهم { فالله خبير بما تعملون ثم أنزل عليكم من بعد الغم } [153-154] قال يعني الهزيمة، ورجع إلى تفسير علي بن إبراهيم.
قال وتراجع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المجروحون وغيرهم، فأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأحب الله يعرف رسوله من الصادق منهم ومن الكاذب، فأنزل الله عليهم النعاس في تلك الحالة حتى كانوا يسقطون إلى الأرض وكان المنافقون الذين يكذبون لا يستقرون قد طارت عقولهم وهم يتكلمون بكلام لا يفهم عنهم فأنزل الله: { نعاساً يغشى طائفة منكم } يعني المؤمنين و { طائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء } قال الله لمحمد صلى الله عليه وآله: { قل إن الامر كله لله، يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا } يقولون لو كنا في بيوتنا ما أصابنا القتل، قال الله: { لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور } فأخبر الله رسوله ما في قلوب القوم ومن كان منهم مؤمناً ومن كان منهم منافقاً كاذباً بالنعاس فأنزل الله عليه:
{ { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب } [آل عمران: 179]يعني المنافق الكاذب من المؤمن الصادق بالنعاس الذي ميز بينهم.