التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ
١٧٢
-الأعراف

تفسير القرآن

أما قوله: { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى } فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أول من سبق من الرسل إلى بلى محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك وتعالى، وكان بالمكان الذي قال له جبرائيل لما أسرى به إلى السماء "تقدم يا محمد فقد وطأت موطئاً لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل" ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه، فكان من الله عز وجل. كما قال الله قاب قوسين أو أدنى أي: بل أدنى، فلما خرج الأمر من الله وقع إلى أوليائه عليهم السلام، فقال الصادق عليه السلام كان الميثاق مأخوذاً عليهم لله بالربوبية ولرسوله بالنبوة ولأمير المؤمنين والأئمة بالإِمامة؛ فقال ألست بربكم ومحمد نبيكم وعلي إمامكم والأئمة إلهاً دون أئمتكم؟ فقالوا بلى شهدنا فقال الله تعالى: { أن تقولوا يوم القيامة } أي: لئلا تقولوا يوم القيامة { إنا كنا عن هذا غافلين } فأول ما أخذ الله عز وجل الميثاق على الأنبياء له بالربوبية وهو قوله: { { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم } [الأحزاب: 7] فذكر جملة الأنبياء ثم أبرز أفضلهم بالأسماء فقال ومنك يا محمد، فقدم رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه أفضلهم ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم، فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء ورسول الله صلى الله عليه وآله أفضلهم، ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله صلى الله عليه وآله على الأنبياء بالإيمان به وعلى أن ينصروا أمير المؤمنين عليه السلام فقال: { { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاء‌كم رسول مصدق لما معكم } [آل عمران: 81] يعني: رسول الله صلى الله عليه وآله { { لتؤمنن به ولتنصرنه } [آل عمران: 81] يعني أمير المؤمنين عليه السلام وأخبروا أُممكم بخبره وخبر وليه من الأئمة عليه السلام حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام وعن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: { { لتؤمنن به ولتنصرنه } [آل عمران: 81] قال: قال ما بعث الله نبياً من لدن آدم فهلم جرا إلا ويرجع إلى الدنيا فيقاتل وينصر رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ثم أخذ أيضاً ميثاق الأنبياء على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: قل يا محمد آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون.
وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام: { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى } قلت: معاينة كان هذا قال: نعم فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه. فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله:
{ فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل } [الأعراف: 101].