التفاسير

< >
عرض

بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١
-التوبة

تفسير القرآن

{ براء‌ة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين } قال حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكنانى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك في سنة سبع من الهجرة قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة وكان سنة في العرب في الحج أنه من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحل له إمساكها وكانوا يتصدقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف، وكان من وافى مكة يستعير ثوباً ويطوف فيه ثم يرده ومن لم يجد عارية اكترى ثياباً ومن لم يجد عارية ولا كراء‌اً ولم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عرياناً فجاء‌ت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوباً عارية أو كراء‌اً فلم تجده، فقالوا لها إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها فقالت وكيف أتصدق بها وليس لي غيرها فطافت بالبيت عريانة، وأشرف عليها الناس فوضعت إحدى يديها على قبلها والأخرى على دبرها فقالت مرتجزة:

اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله

فلما فرغت من الطواف خطبها جماعة فقالت إن لي زوجاً.
وكانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله قبل نزول سورة البراء‌ة أن لا يقاتل إلا من قاتله ولا يحارب إلا من حاربه وأراده وقد كان نزل عليه في ذلك من الله عز وجل:
{ { فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً } [النساء: 90] فكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقاتل أحداً قد تنحى عنه واعتزله حتى نزلت عليه سورة البراء‌ة وأمره الله بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلا الذين قد كان عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة إلى مدة، منهم صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو، فقال الله عز وجل: { براء‌ة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } ثم يقتلون حيث ما وجدوا فهذه أشهر السياحة عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشرة من شهر ربيع الآخر، فلما نزلت الآيات من أول براء‌ة دفعها رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر، فلما خرج أبو بكر نزل جبرائيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا محمد لا يؤدي عنك إلا رجل منك، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام في طلبه فلحقه بالروحا فأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله‌ نزل الله فيَّ شيء؟ قال لا إن الله أمرني أن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني.
قال فحدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن أبلغ عن الله أن لا يطوف بالبيت عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام وقرأ عليهم { براء‌ة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } فأحل الله للمشركين الذين حجوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلون حيث وجدوا.