التفاسير

< >
عرض

قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ
٧٢
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

في هذه الآية اخبار عما قالت امرأة ابراهيم حين بشرت بانها تلد اسحاق وهو ان قالت يا ويلتى. ومعنى ياويلتى الانذار بورود الأمر الفظيع تقول العرب يا للدواهي اي تعالين فانه من ازمانك بحضور ما حضر من اشكالك. والف { يا ويلتى } يجوز ان يكون الف ندبة. ويحتمل ان يكون للاضافة انقلبت من الياء وكان هذا القول من امرأة ابراهيم على وجه التعجب بطبع البشرية، إذ ورد عليها ما لم تجربه العادة قبل ان تفكر في ذلك كما ولّى موسى مدبراً حين انقلبت العصا حية حتى قيل له { أقبل ولا تخف } وإلا هي كانت مؤمنة عارفة بأن الله تعالى يقدرعلى ذلك.
قال الرماني: والسبب في ان العجوز لا تلد أن الماء - الذي يخلق الله (عز وجل) منه الولد مع نطفة الرجل - قد انقطع بدلالة ارتفاع الحيض، فجعل الله الولد على تلك الحال معجزاً لنبيه ابراهيم (ع).
وقال مجاهد: كان لابراهيم في ذلك مئة سنة ولها تسع وتسعون سنة.
وقال ابن اسحاق: كان لابراهيم مئة وعشرون سنة، ولسارة تسعون سنة.
والبعل الزوج، واصله القائم بالأمر، فيقولون للنخل الذي يستغني بماء السماء عن سقي الانهار والعيون: بعل، لأنه قائم بالأمر في استغنائه عن تكلف السقي له، ومالك الشيء القيم بتدبيره: بعل، ومنه قوله تعالى
{ أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين } }. و { شيخاً } نصب على الحال، والعامل فيه ما في هذا من معنى الاشارة أو التنبيه. وفي قراءة ابن مسعود بالرفع. ويحتمل الرفع في قوله سيبويه والخليل أربعة أوجه، فيرفع (هذا) بالابتداء، و (بعلي) خبره، و (شيخ) خبر ثاني، كأنه قال هذا شيخ، ويجوز ان يكونا خبرين لهذا، كقولك هذا حلو حامض، ويجوز ان يكون (بعلي) بدلاً من (هذا) وبياناً له و (شيخ) خبره.
وقوله { إن هذا لشيء عجيب } ان يكون الولد بين عجوزين شيخين شيء يتعجب منه.