التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٩٦
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ
٩٧
-هود

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اخبر الله تعالى واقسم انه ارسل موسى نبياً بالآيات، وهي الحجج والمعجزات الدالة على نبوته { وسلطان مبين } اي وحجة ظاهرة مخلصة من تلبيس وتمويه، على اتم ما يمكن فيه. والسلطان, والآيات وإن كان معناهما الحجج، فأنما عطف احداهما على الأخرى، لاختلاف اللفظ، ولان معناهما مختلف، لان الآيات حجج من وجه الاعتبار العظيم بها، والسلطان من جهة القوة العظيمة على المبطل، وكل علم له حجة يقهر بها شبهة من نازعه من اهل الباطل تشبهه، فله سلطان. وقد قيل إن سلطان الحجة انفذ من سلطان المملكة، والسلطان متى كان محقاً حجة وجب اتباعه، واذا كان بخلافه لا يجب اتباعه.
وقال الزجاج. سمي السلطان سلطاناً، لانه حجة الله في ارضه، واشتقاقه من السليط وهو مما يستضاء به، ومن ذلك قيل للزيت السليط.
وقوله { إلى فرعون وملإيه } معناه انه ارسل موسى الى فرعون واشراف قومه الذين تملأ الصدور هيبتهم.
وقوله { فاتبعوا أمر فرعون } فالاتباع طلب الثاني للتصرف بتصرف الاول في اي جهة اخذ، والأمر هو قول القائل لمن دونه: (افعل). وفيه أخبار ان قوم فرعون اتبعوه على ما كان يأمرهم به. ثم اخبر تعالى ان أمر فرعون لم يكن رشيداً. والرشيد هو الذي يدعو الى الخير ويهدي اليه فأمر فرعون بضد هذه الحال، لانه يدعو الى الشر ويصد عن الخير.
واستدل قوم بهذه الآية على ان لفظة الأمر مشتركة بين القول والفعل، لأنه قال { وما أمر فرعون برشيد } يعني وما فعل فرعون برشيد، وهذا ليس بصحيح، لانه يجوز ان يكون اراد بذلك الأمر الذي هو القول، او يكون مجازاً.