التفاسير

< >
عرض

رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ
١٠١
-يوسف

التبيان الجامع لعلوم القرآن

هذا حكاية ما قال يوسف حين اجتمع مع أبويه وأخوته وأهل بيته، وانه قال يا { رب آتيتني من الملك } وحذف حرف النداء للدلالة عليه. وعلى وجه الاعتراف بأنواع نعمة الله عليه، وان من جملتها أنه اعطاه الملك والسياسة والتدبير بين الخلق، وأنه مع ذلك علمه، وفهمه أنواع العلوم، ونصب له الدلالة على علوم كثيرة. وقد يقال: علمه تعليماً إذا بين له الدليل المفضي الى العلم. والاعلام هو إِيجاب العلم بايجاده والتعريض له. والمعنى فهمتني تأويل الاحاديث التي تؤدي الى العلم بما احتاج إليه. والاحاديث الاخبار عن حوادث الزمان.
وقوله { فاطر السماوات والأرض } فالفطر الشق عن أمر باختراعه عند انشقاقه، ففطر السموات والارض: اختراعهما بما هو كائن كالشق عما يظهر فيه. ومنه تفطر الشجر بالورق. ونصبه يحتمل أمرين:
احدهما - أن يكون صفة لقوله { رب قد آتيتني من الملك }، لانه مضاف، كما يقال: يقول يا زيد ذي الجمة.
والثاني - ان يكون على النداء بتقدير يا فاطر.
وقوله { أنت وليّ } أي ناصري، والولي النصير بما يتولى من المعاونة، فاذا وصف تعالى بانه وليّ المؤمن، فلانه ينصره بما يتولى من معونته وحياطته. واذا وصف المؤمن بأنه ولي الله، فلان الله ينصره بمعونته، فتجري الصفة على هذا المعنى.
وقوله { توفني مسلماً } معناه اقبضني اليك إذا امتني وأنا مسلم اي الطف لي بما أموت معه على الاسلام { وألحقني بالصالحين } من آبائي اسحاق وابراهيم اي اجعلني من جملتهم.
و (من) في قوله { من الملك } وقوله { من تأويل الأحاديث } دخلتا للتبعيض لأنه لم يؤته الله جميع الملك، ولا علمه جميع الاشياء، ويحتمل ان تكون دخلت لتبيين الصفة، كما قال
{ فاجتنبوا الرجس من الأوثان } }.