التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
١٩
-الرعد

التبيان الجامع لعلوم القرآن

أخبر الله تعالى ان من يؤمن بالله ويعلم ان ما أنزل اليك يا محمد من ربك الحق، لا يكون مثل من يشهد ذلك وعمي عنه، فاخرج الكلام مخرج الاستفهام والمراد به الانكار، أي لا يكون هذان مستويين، وبين ان الفرق بينهما بمنزلة الفرق بين الاعمى والبصير.
وقوله { إنما يتذكر أولوا الألباب } معناه إنما يتذكر في ذلك ويفكر فيه ويستدل به ذوو العقول والمعرفة. والالباب هي العقول، واحدها لب. ولبّ الشيء أجل ما فيه واخلصه واجوده، فلب الانسان عقله لانه أجل ما فيه، ولب النخلة قلبها، ولب الطلعة ثمرتها التي فيها، وانما شبه العلم بالبصر، والجهل بالعمى، لان العلم يهتدى به الى طريق الرشد من الغي كما يهتدى بالبصر الى طريق النجاة من طريق الهلاك، وعكس ذلك حال الجهل والغي. قال الرماني: وجه الاحتجاج بالآية انه إذا كانت حال الجاهل كحال الاعمى، وحال العالم كحال البصير وأمكن هذا الأعمى ان يستفيد بصراً، فما الذي يبعده عن طلب العلم الذي يخرجه عن حال الاعمى بالجهل؟!. وهذا إلزام طلب العلم، لانه خروج عن حال الأعمى بالجهل الى البصير بالعلم.
وقوله { إنما يتذكر أولوا الألباب } معناه إنما ينتفع بالذكر من كان له لب، كقولك: إنما يترك السرف والبغي من له عقل وعلم بالعواقب، وان كان كثير ممن له عقل لا يترك ذلك ولا يفكر في العواقب.