التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ
٢٠
-الرعد

التبيان الجامع لعلوم القرآن

موضع { الذين } رفع لأنه صفة لاولى الالباب، فكأنه قال إنما يتذكر أولوا الالباب الذين صفتهم أنهم يوفون بعهد الله ولا ينقضون مواثيقه. والايفاء جعل الشيء على المقدار من غير زيادة ولا نقصان، والعهد العقد المتقدم على الأمر بما يفعل، والنهي عما يجتنب يقال: عهد لله عهداً، وعاهده معاهدة. وتعهده تعهداً وتعاهده تعاهداً، والنقض حل العقد بفعل ما ينافيه، والنقيض معنى تنافي صحته صحة غيره. والنقض في المعاني إيجاد ما لا يمكن ان يصح مع غيره، كاعتقاد ان زيداً في الدار وليس هو فيها على وجه واحد. والميثاق العهد الواقع على إحكام. توثق توثقاً واستوثق استيثاقاً، وواثقه مواثقة، ووثق به وثوقاً, واوثقه ايثاقاً، ووثقه ثوثيقاً.
والعهد الذي جعله في عقول العباد ما جعل فيها من اقتضاء صحة أمور الدين وفساد أمور أخر، كاقتضاء الفعل الفاعل، وأنه لا يصح الفعل الا ان يكون فاعله قادراً، وان المحكم لا يصح الا من عالم، وان الصانع لا بد ان يرجع الى صانع غير مصنوع، والا أدى الى ما لا نهاية له، وان للعالم مدبر لا يشبهه، ولا يحتاج الى مدبر لحاجته وما أشبه ذلك. وقد يكون ايضاً على العهد الذي عاهد عليه النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الآية دلالة على وجوب الوفاء بالعهود التي تنعقد بين الخلق سواء كان بين المسلمين او الكفار، من الهدنة وغيرها.