التفاسير

< >
عرض

أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
٣٣
-الرعد

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ اهل الكوفة { وصدوا } بضم الصاد. الباقون بفتحها، قال ابو علي: قال ابو عمرو، عن ابي الحسن: صد وصددته مثل رجع ورجعته، قال الشاعر:

صدت كما صد عما لا يحل له ساقي نصارى قبيل الفصح صوام

فهذا صدت في نفسها، وقال الآخر:

صددت الكأس عنا ام عمرو

واما قوله { إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام } } فالمعنى يصدون المسلمين عن المسجد الحرام، فكان المفعول محذوفاً. وقوله { رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً } يكون على يصدون عنك اي لا يبايعونك، كما يبايعك المسلمون، ويجوز ان يكونوا يصدون غيرهم عن الايمان، كما صدوا هم عنه، ويثبطون عنه. وحجة من اسند الفعل الى الفاعل، قوله { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } وقوله { هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام } فكما اسند الفعل الى الفاعل في جميع هذه الآي كذلك اسند في قوله { وصدوا عن السبيل } وقيل: إِن قوماً جلسوا على الطريق، فصدوا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ففيهم نزلت الآية.
ومن بنى الفعل للمفعول به جعل فاعل الصدِّ غواتهم والعتاة منهم في كفرهم، وقد يكون على نحو ما يقال: صد فلان عن الخير وصد عنه، يعنى انه لم يفعل خيراً، ولا يراد: ان مانعاً منعه. فأما قوله
{ وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل } فالفتح الوجه، لأنه لم يصده عن الإيمان احد، ولم يمنعه منه، والذي زين ذلك له الشيطان، كما قال { وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل } } معنى قوله { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } من هو قائم بتدبيرها وجزائها على ما كسبت من خير او شر، كمن ليس بهذه الصفة، وحذف الخبر لدلالة الكلام عليه.
وقوله { وجعلوا لله شركاء } في العبادة، فعبدوا الاصنام، والاوثان.
وقوله { قل سموهم } اي سموهم بما يستحقون من الاسماء التي هي صفات. ثم انظروا هل تدل صفاتهم على أنه يجوز أن يعبدوا ام لا؟
وقوله { أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول } معناه إلا ان يصفوهم بما لا يصح ان يعلم صحته، فيخرجوا بذلك الى التجاهل او يقتصروا على ظاهر القول من غير رجوع الى حقيقة، وهو قول مجاهد وقتادة. وقال ابو علي: معنى { بظاهر من القول } الذي انزله الله على انبيائه.
وقوله { بل زين للذين كفروا مكرهم } اي زين ذلك لهم انفسهم وغواتهم من شياطين الانس والجن، ولا يجوز ان يكون المراد زين بالشهوة، لأن المكر ليس مما يشتهى { وصدوا عن السبيل } اي منعوا عن طريق الحق بالاغواء والمنع. ويجوز ان يكون المراد واعرضوا عن طريق الجنة.
وقوله { ومن يضلل الله فما له من هاد } قيل في معناه قولان:
احدهما - من حكم الله عليه بأنه ضال على وجه الذم، فإنه لا ينفعه هداية احد.
والآخر - ان من يضله الله عن طريق الجنة الى النار، فلا هادٍ يهديه اليها، ولا يجوز ان يكون المراد من يضله عن الايمان، لان ذلك سفه لا يفعله الله تعالى.