أخبر الله تعالى ان الخلق يبرزون يوم القيامة لله اي يظهرون من قبورهم والبروز خروج الشيء عما كان ملتبساً به الى حيث يقع عليه الحشر في نفسه، يقال: برز للقتال إِذا ظهر له.
{ فقال الضعفاء } اي يقول الناقص القوة، لان الضعفاء جمع ضعيف، والضعف نقصان القوة، يقال: ضعف يضعف ضعفاً، واضعفه الله إِضعافاً؛ والضعف ذهاب مضاعفة القوة { للذين استكبروا } اي للذين طلبوا التكبر.
والاستكبار والتكبر والتجبر واحد، وهو رفع النفس فوق مقدارها في الوصف. والمعنى يقول التابعون للمتبوعين من ساداتهم وكبرائهم { إنا كنا لكم تبعاً } اي طلبنا اللحاق بكم، واعتمدنا عليكم، وهو جمع تابع، كقولهم: غائب وغيّب.
قال الزجاج: ويجوز ان يكون مصدراً وصف به { فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء } اي هل تقدرون على ان تدفعوا عنا ما لا نقدر على دفعه عن أنفسنا، يقال: أغنى عني إِذا دفع عني، وأغناني بمعنى نفى الحاجة عني بما فيه كفاية. فأجابهم المستكبرون بأنه { لو هدانا الله } الى طريق الخلاص من العقاب والوصول الى النعيم والجنة { لهديناكم } اليه { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا } أي الجزع والصبر سيان مثلان، ليس لنا من محيص أي مهرب من عذاب الله تعالى يقال: حاص يحيص حيصاً وحيوصاً وحيصاناً، وحاد يحيد حيداً ومحيداً، والحيد الزوال عن المكروه. والجزع انزعاج النفس بورود ما يغم، ونقيضه البر قال الشاعر:
فان تصبرا فالصبر خير مغبة وان تجزعا فالأمر ما تريان