التفاسير

< >
عرض

وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ
٤٩
سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ
٥٠
-إبراهيم

التبيان الجامع لعلوم القرآن

يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم انك يا محمد ترى الذين اجرموا وفعلوا المعاصي، من الكفر وجحد النعم، يوم القيامة { مقرنين في الأصفاد } اي قرنت أيديهم بالغل الى اعناقهم. وقال الجبائي: قرن بعضهم الى بعض، والصفد الغل الذي يقرن به اليد الى العنق، ويجوز ان يكون السلسلة التي يقع بها التقرين، وأصل الصفد القيد، وهو الصفاد، وجمعه صفد، قال عمرو بن كلثوم:

فآبوا بالنهاب وبالسبايا وابناء الملوك مصفدينا

اي مقيدين، ومنه اصفدته اصفاداً، اذا أعطيته مالاً، قال الاعشى:

تضيفته يوماً فاكرم مجلسي واصفدني عند الزمانة قائدا

وقال الذبياني:

هذا الثناء فان تسمع لقائله فما عرّضت أبيت اللعن بالصفد

اي ما تعطيه: وانما قيل لها: صفد، لانها تقيد المودة وترتبطها. وقال قتادة: الاصفاد القيود والاغلال، والسرابيل القميص - في قول ابن زيد - واحدها سربال، قال امرؤ القيس:

لعوب تنسيني اذا قمت سربالي

و (القطران) هو الذي تهنأ به الإبل - في قول الحسن - وفيه لغات، قطران بفتح القاف وكسر الطاء، وبتسكين الطاء وكسر القاف. ويجوز فتحها، قال ابو النجم:

جون كأن العرق المنتوحا ألبسه القطران والمسوحا

فكسر القاف وقال ايضاً:

كان قطراناً اذا تلاها ترمي به الريح الى مجراها

وإِنما جعلت سرابيلهم من قطران، لان النار تسرع اليها، وقرىء { قطرآن } وروي ذلك عن ابن عباس، والقطر النحاس ومنه قوله { آتوني أفرغ عليه قطراً } والمعنى من قطر بالغ حره، وانتهى. والقراء على انه اسم واحد على وزن الظربان، والظربان دابة منتنة فسّاءة، وهي من السباع { وتغشى وجوههم } معناه تجللها.