التفاسير

< >
عرض

وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً
٤
فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً
٥
ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً
٦
-الإسراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القضاء على أربعة أقسام: بمعنى الخلق والاحداث، كما قال { فقضاهن سبع سماوات } وبمعنى فصل الحكم كقوله { والله يقضي بالحق } وبمعنى الأمر كقوله { وقضى ربك أن لا تعبدوا إِلا إياه } وبمعنى الاخبار كقوله { وقضينا إِلى بني إسرائيل } اي اخبرناهم واعلمناهم بما يكون من الامر المذكور، من انهم سيفسدون في الارض مرتين، ويعلون علواً كبيراً، اي عظيماً اي يتجبرون على عباد الله.
قال ابن عباس وقتادة: المبعوث عليهم في المرة الاولى جالوت الى ان قتله داود، وكان ملكهم طالوت.
وقال سعيد ابن المسيب: هو بخت نصر، وقال سعيد بن جبير: هو سنحاريب وقال الحسن: هم العمالقة، وكانوا كفاراً.
والفساد الذي ذكره: هو قتلهم الناس ظلماً وتغلبهم على اموالهم قهراً واخراب ديارهم بغيا.
والآية تدل على ان قضاء الله بالمعاصي هو اخباره انها تكون.
وقوله { فلما جاء وعد أولاهما } يعني وقت فناء آجالهم ووقت عقوباتهم. والوعد هو الموعود به - ها هنا - ووضع المصدر موضع المفعول به.
وقوله { بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد } قيل في معنى { بعثنا } قولان:
احدهما - قال الحسن: انا خلّينا بينهم وبينكم، خاذلين لكم، جزاء على كفركم، ومعاصيكم، كما قال:
{ أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزّاً } } الثاني - قال ابو علي: امرناهم بقتالكم. وقوله { فجاسوا خلال الديار } اي تردّدوا وتخللوا بين الدور، يقال: جست أجوس جوساً وجوساناً، قال حسان:

ومنا الذي لاقى بسيف محمد فجاس به الاعداء عرض العساكر

معناه تخللهم قتلا بسيفه، وقيل: الجوس طلب الشيء باستقصاء. وقوله { وكان وعداً مفعولاً } أي كائناً لا محالة على ما أخبرنا به، ثم قال لهم { رددنا لكم الكرة عليهم } يعني الرجعة والنصرة عليهم { وأمددناكم بأموال وبنين } أي أَعناكم وكثرناكم { وجعلناكم أكثر نفيراً } اي اكثر انصاراً، ونصبه على التمييز، قال الزجاج: يجوز أن يكون { نفيراً } جمع نفير كعبيد وضنين ومعين. قال الفراء: زعموا أن رجلاً من همدان بعثه الله على بخت نصر، فقتله وعاد الملك إِلى بني إسرائيل فعاشوا.