التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ قَالُوۤاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
١١
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة:
رام ضم القاف فيها وفي أخواتها الكسائي وهشام ورويش ووافقهم ابن ذكوان في السين والحاء، مثل: حيل وسيق، وسيئت، ووافقهم اهل المدينة في سيق وسيئت فمن ضم ذهب إلى ما حكي عن بعض العرب: قد قول، وقد بوع المتاع، بدل قيل وبيع، ومن كسرها قال: لأن ياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم، ومن اشم قال: اصله قول، فاستثقلت الضمة، فقلبت كسرة، واشمت ليعلم ان الأصل كانت ضمة.
المعنى:
وروي عن سلمان ـرحمه الله ـ أنه قال: لم يجىء هؤلاء. وقال أكثر المفسرين: إنها نزلت في المنافقين الذين فيهم الآيات المتقدمة، وهو الأقوى ويجوز أن يراد بها من صورتهم صورتهم، فيحمل قول سلمان ـرحمه الله ـ على أنه أراد بعد انقراض المنافقين الذين تناولتهم الآية.
ومعنى قولهم له: { إنما نحن مصلحون } يحتمل امرين:
احدهما ـ ان يقول: إن هذا الذي عندكم فساد، هو صلاح عندنا، لأنا إذا قابلناهم استدعيناهم إلى الحق في الدين.
والثاني ـ أن يجحدوا ذلك البلاغ.
والافساد مأخوذ من الفساد: وهو كلما يغير عن استقامة الحال. تقول: فسد يفسد فسادا. والافساد: إحداث الفساد والمفاسدة: المعاملة بالفساد. والتفاسد: تعاطي الفساد بين اثنين. والاستفساد. المطاوعة على الفساد. لا تفسدوا في الأرض فيقولون انما نحن مصلحون، ويقال لهم: آمنوا كما آمن الناس فيقولون أنؤمن كما آمن السفهاء؟ فليس هؤلاء منافقين، بل مظهرون لكفرهم. والآية في المنافقين قيل: المنافقون وإن كانوا يظهرون الايمان للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ فانهم كانوا لايألون المسلمين خبالا، وكانوا يثبطون عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ويدعون إلى ترك نصرته من يثقون باستماعهم منهم، ومن يظنون ذلك به، فربما صادفوا من المؤمنين التقي فيجيبهم بما ذكر الله، فاذا أخبر أولئك النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ثم ذكروا له ما قالوا وعاتبهم النبي (صلى الله عليه وسلم) عادوا إلى إظهار الايمان والندم عليه، أو كذبوا قائله والحاكي عنهم، وكان لا يجوز في الدين إلا قبول ذلك منهم بما يظهرون، وخاصة في صدر الاسلام، والحاجة إلى تألف قلوبهم ماسة. ومن قرأ الاخبار تبين صحة ما قلناه.
والافساد في الارض: العمل فيها بما نهى الله عنه، وتضييع ما أمر الله بحفظه كما قال تعالى حاكياً عن الملائكة:
{ { أتجعل فيها من يفسد فيها } يعنون من يعصيك، ويخالف امرك، وهذه صفة المنافقين.
والأرض: هي المستقر للحيوان، ويقال لقوائم البعير: أرض، وكذلك الفرس ان قوي والارض: الرّعدة، وقال ابن عباس: ما أدري إذاً زلزلت الأرض لم بي أرض؟ أي رعدة والأرضة: دويبة تأكل الخشب.
والصلاح: استقامة الحال، فالاصلاح: جعل الحال على الاستقامة. والاصطلاح الاجتماع. والتصالح: التمالي على الصلاح، ومنه المصالحة، والاستصلاح، والصالح: والمستقيم الحال، والمصلح: المقوم للشيء على الاستقامة.