التفاسير

< >
عرض

سَلْ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
٢١١
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

القراءة:
أهل الحجاز يقولون: سل بغير همز. وبعض بني تميم يقولون: اسأل بالهمز، وبعضهم يقولون: اسل بالالف وطرح الهمز - والأولى أحسنها لأنها خط المصحف.
المعنى:
وفي الآية تنبيه وتقريع للكفار من بني اسرائيل، ونظيره قول الرجل في صاحبه إذا فزّعه وربحه وأراد أن يلزمه الحجة، ويبين عن كفرانه للنعمة ليوقع به العقوبة - لمن بحضرته -: سله كم أعددت له وحذرته.
والآيات البينات ما ذكرها الله تعالى: من قلب عصا موسى حية، ويده البيضاء، وفلقه البحر، وتغريق عدوهم من فرعون وأصحابه، وتظليلة عليهم الغمام، وإنزال المن والسلوى، وذلك من آيات الله التي أتي بها بني اسرائيل، فخالفوا جيمع ذلك، وقتلوا أنبياءه، ورسله، وبدّلوا عهده، ووصيته إليهم.
وقوله: { ومن يبدّل نعمة الله } معناه: يغير يعني بها الاسلام، وما فرض فيه من شرائع دينه بعد ما عهد إليه وأمره به من الدخول في الاسلام، والعمل بشرائعه، فيكفر به، فانه يعاقبه بما أوعده على الكفر به من العقوبة { والله شديد العقاب }. وقال الزجاج فيه حذف وتقديره شديد العقاب له، ويجوز أن يكون معناه: شديد العقاب لكل من يستحقه، فيدخل فيه هذا المذكور، فأما أن يكون على معنى شديد العقاب لغيره، فلا يجوز إذا لم يكن للمذكور مدخل فيه. وفي الآية دلالة على فساد قول المجبرة: من أنه ليس لله على الكافر نعمة، لأنه حكم عليهم بتبديل نعم الله، كما قال:
{ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون } وقال: { بدّلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار } }.