التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَٰواْ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٢٧٨
-البقرة

التبيان الجامع لعلوم القرآن

النزول:
ذكر السدي وابن جريج وعكرمة أن هذه الآية نزلت في بقية من الربا كانت للعباس ومسعود وعبديأ ليل وحبيب وربيعة. وبني عمرو بن عمير وروي عن أبي جعفر (ع) أن الوليد بن المغيره كان يربي في الجاهلية وكان بقي له بقايا على ثقيف فأراد خالد بن الوليد المطالبة بها بعد أن أسلم فنزلت هذه الآية في المنع من ذلك.
المعنى:
ومعنى { ذروا ما بقي من الربا } ظاهره تحريم ما بقي ديناً من الربا وإيجاب أخذ رأس المال دون الزيادة على جهة الربا. وقوله: { إن كنتم مؤمنين } قيل فيه قولان: أحدهما - من كان مؤمناً فهذا حكمه. والثاني - إذ كنتم مؤمنين. والأول هو الاقوى.
اللغة:
ومعنى { ذروا } اتركوا. ولم يستعمل منه وذر، ولا واذر لكراهتة الواو مبتدأة لأنها لم تزد أولاً في كلامهم كزيادة اختيها الياء والهمزة. قال الخليل: إذا التقت واوان في أول الكلمة أشبه بنباح الكلب فرفضوا ذلك إلا فيما هو عارض لا يعتد به فاستعملوا يذر، لأنه لا تظهر فيه الواو، ومثله يدع. فأما وعد فجاء على الأصل. فان قيل: لم جاز وصف المبهم بالوصول، ولم يحسن بالمضاف فجاز أن يقول: { يا أيها الذين آمنوا } ولم يحسن (يا أيها غلام زيد) قلنا: لأن المبهم حقه أن يوصف بالجنس المعرّف بالالف واللام، لأنه إذا عرض فيه تنكير بطلت دلالته على الجنس، فاحتيج إلى وصفه بالجنس لذلك. فان قيل: هلا جاز (يا أيها غلام الرجل) كما جاز (نعم غلام الرجل) إذ المضاف إلى الجنس يقوم مقام الجنس: قيل: لأنه لا يجوز في الاسماء التامة أن تكون ثلاثة أسماء بمنزلة إسم واحد منها. وقد جعل (يا أيها الرجل) بمنزلة اسمين ضم أحدهما إلى الآخر نحو (حضرموت) ليكون بذلك أشد اتصالاً بالموصوف من سائر الصفات، فلم يجز في المضاف لما يجب له من شدة الاتصال وجاز في نعم، لأنه على الأنفصال.