التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ
١٣٢
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ
١٣٣
وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
١٣٤
إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
١٣٥
قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ
١٣٦
إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ
١٣٧
وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
١٣٨
فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ
١٣٩
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
١٤٠
-الشعراء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قرأ { خلق الأولين } - بفتح الخاء - ابن كثير وابو عمرو والكسائي وأبو جعفر. الباقون - بضم الخاء، واللام - فمن قرأ - بفتح الخاء - أراد: ليس هذا إلا اختلاق الأولين - في قول ابن مسعود - ومن ضم الخاء واللام: أراد ليس هذا الاعادة الأولين، في أنهم كانوا يحيون ويموتون. وقال بعضهم: المعني في { خلق الأولين } خلق أجسامهم، وانكروا أن يكون المعنى إلا كذب الأولين لأنهم يقولون { { ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين } }. وليس الامر على ما ظنه لانهم قد سمعوا بالدعاء إلى الدين، وكانوا عندهم كذّابين، فلذلك قال { { كذبت عاد المرسلين } وقال { إن هذا إلا أساطير الأولين } وانما قالوا { ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين } أي ما سمعنا أنهم صدقوا بشيء منه، أو ذكروا آية حق وصواب، بل قالوا باطل، وخطأ.
حكى الله تعالى عن هود أنه قال لقومه واتقوا معاصي الله الذي أمدكم بالذي تعلمون من انواع نعمه، فالامداد اتباع الثاني ما قبله شيئاً بعد شيء، على انتظام فهؤلاء امدهم الله بالمال وبالبنين، يعني الذكور من الأولاد، وبالانعام من الابل والبقر والغنم والبساتين التي فيها شجر تحتها عيون جارية فيها، فآتاهم رزقهم على إدرار. فالعيون ينابيع ماء تخرج من باطن الأرض، ثم تجري على ظاهرها وعين الماء مشبه بعين الحيوان في استدارته وتردد الماء إلا انه جامد في عيون الحيوان يتردد بالشعاع.
ثم قال لهم { إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } يعني يوم القيامة، والعظيم هو الموصوف بالعظم، وفيه مبالغة مثل ما أعظمه لعظم ما فيه من الاهوال.
ثم حكى ما أجابه به قومه، فانهم قالوا له { سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين } وإنما لم يقل سواء علينا أوعظت أم لم تعظ، ليتشاكل رؤس الآي، ومعناه إنا لسنا نقبل منك ما تقوله: سواء علينا وعظك وارتفاعه والوعظ حث بما فيه تليين القلب، للانقياد إلى الحق، والوعظ زجر عما لا يجوز فعله. ومعنى { سواء } أي كل واحد من الأمرين مثل الآخر، حصول الوعظ وارتفاعه.
ثم قالوا: ليس هذا الذي تدعوه { إلا خلق الأولين } أي كذبهم، فيمن فتح الخاء. والا عادة الاولين وخلقهم. والخلق المصدر من قولك: خلق الله العباد خلقاً. والخلق المخلوق من قولهم: يعلم هذا من خلق الناس. قال الفراء: يقولون هذه الحاديث: خلق يعنون المختلقة. قال والقراءة بضم الخاء أحب إليّ، لانها تتضمن المعنيين. والخلق الاختلاق، وهو افتعال الكذب على التقدير الذي يوهم الحق.
ثم اخبروا: إنا لسنا بمعذبين على خلاف ما تدعونا اليه، على ما تدعيه { فكذبوه } يعني هوداً { فأهلكناهم إن في ذلك لآية } إلى آخر القصة. وقد فسرناه.