التفاسير

< >
عرض

لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ
١١١
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

النظم
وجه اتصال هذه الآية بما قبلها اتصال البشارة بالغلبة بما تقدم من الامر بالمحاربة، لأنه قد تقدم الأمر بانكار المنكر، فالفريضة اللازمة إذ لم تترك إلا بالمحاربة.
المعنى، والاعراب:
والأذى المذكور في الآية هو أن يسمعوا منهم كذباً على الله يدعونهم به إلى الضلالة في قول الحسن، وقتادة يقول أهل الحجاز آذيتني إذا أسمعته كلاماً يثقل عليه. وقال البلخي، والطبري الاستثناء منقطع ها هنا، لأن الأذى ليس من الضرر في شيء، وهذا ليس بصحيح، لأنه إذا أمكن حمله على الاستثناء الحقيقي لم يجز حمله على المنقطع. والمعنى في الآية لن يضروكم إلا ضرراً يسيراً، فالأذى وقع موقع المصدر الأول. وإذا كان الأذى ضرراً فالاستثناء متصل. والمنقطع لا يكون فيه الثاني مخصصاً للأول، كقولك ما في الدار أحد إلا حماراً، وكقولك ما زاد إلا ما نقص وما نفع إلا ما ضر. وقوله: { وإن يقاتلوكم } جزم، لأنه شرط { ويولوكم } جزم لأنه جزاء. وقوله: { ثم لا ينصرون } رفع على الاستئناف، ولم يعطف ليجري الثاني على مثال الأول، لأن سبب التولية القتال. وليس كذلك منع النصر، لأن سببه الكفر. والرفع أشكل برؤس الآي المتقدمة، وهو مع ذلك عطف جملة على جملة وفي الآية دلالة على النبوة، لوقوع مخبرها على ما تضمنته قبل وقوع مخبرها، لأن يهود المدينة من بني قريظة وبني النضير، وبني قينقاع ويهود خيبر الذين حاربوه (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين ما قاتلوهم قط إلا ولوا الأدبار منهزمين.