قرأ حمزة والكسائي { يميز } - بالتشديد - الباقون بالتخفيف. يقال: مازه يميزه، وميزه يميزه - لغتان -.
ومعنى الآية لم يكن الله ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه، فلا يميز المؤمن من المنافق، والكافر { حتى يميز الخبيث من الطيب }. وقيل في معنى الخبيث ها هنا: قولان:
أحدهما - قال مجاهد، وابن اسحاق، وابن جريج: هو المنافق. قالوا: كما ميز المؤمن من المنافق يوم أحد. بالامتحان على ما مضى شرحه.
الثاني - قال قتادة، والسدي: حتى يميز المؤمن من الكافر.
وسبب نزول الآية ما قاله السدي: إن المشركين قالوا: إن كان محمد صادقاً فليخبرنا من يؤمن منا، ومن يكفر، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال قوم: إن كان يعلم المنافقين، فما حاجته إلى اختبارهم؟ فأنزل الله تعالى انه يميزهم. وذلك يكون: تارة باختبارهم، وتارة بتعيينهم.
والتمييز بين الكافر وبين المؤمن أو المنافق والمؤمن بالامتحان والاختبار في تكليف الجهاد، ونحوه: مما يظهر به حالهم، وتنكشف ضمائرهم وقيل: بالدلالات، والعلامات التي يستدل بها عليهم من غير نص اعلام لهم فان قيل: هل اطلع نبيه (صلى الله عليه وسلم) على الغيب؟ قلنا: عن ذلك جوابان:
أحدهما - قال السدي: لا، ولكنه اجتباه، فجعله رسولا وقال ابن اسحاق: ولكن الله اجتبى رسوله باعلامه كثيراً من الغايبات. وهذا هو الأليق بالآية. وقال الزجاج قوله: { ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء } سببه أن قوماً قالوا: هلا جعلنا الله أنبياء؟ فأخبر الله تعالى أنه { يجتبي من رسله من يشاء } و (من) في الآية لتبيين الصفة لا للتبعيض، لأن الأنبياء كلهم مجتبون.