التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ
١٨٢
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى:
قوله: "ذلك" اشارة إلى ما تقدم ذكره من قوله: { ونقول ذوقوا عذاب الحريق. ذلك بما قدمت أيديكم } ومعناه بما جنيتموه على أنفسكم، فان الله لا يظلم أحداً من عبيده، ولا يبخسهم حقهم.
وفيها دلالة على بطلان مذهب المجبرة، لأنها تدل على أنه لو وقع العقاب من غير جرم سلف من العبد، لكان ظلماً وذلك بخلاف ما يذهبون إليه من أن الله تعالى يعذب الاطفال من غير جرم. فان قيل: لم نفى كثرة الظلم على وجه لا يدخل فيه القليل، وهلا نفى على وجه العموم كقوله:
{ لا يظلم مثقال ذرة } وكقوله: { { لا يظلم الناس شيئاً } وقوله: { { ولا يظلمون فتيلاً } و "نقيرا"؟ قيل: لأنه خرج مخرج الجواب لمن توهم مذهب المجبرة فدل على أنه لو كان على ما يذهبون إليه، لكان ظلاماً للعبيد، وما هو بظلام لهم. فان قيل: لم أضيف التقديم إلى أيديهم وإنما هو لهم في الحقيقة؟ قيل: لأنه إذا أضيف على هذه الطريقة كان أبعد من توهم الفساد في معنى الاضافة إذ قد يضاف الفعل إلى الانسان على معنى أنه أمر به ودعا إليه. كما قال: { يذبح أبناءهم } وإذا ذكرت اليد دل على تولي الفعل نحو قوله { { أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً } }. الاعراب:
{ وان الله } انما فتح ان لأنه معطوف على ما عملت فيه الباء، وتقديره وبأن الله ليس بظلام للعبيد أي ذلك العذاب بما سلف من الاجرام وبامتناع ظلم الله للعباد، فموضع أن جر وموضع الباء في قوله: "مما" رفع، لأنها في موضع خبر ذلك وهي متصلة بالاستقرار كأنه قيل ذلك مستقر بما قدمت أيديكم، كما يقول القائل: عقابك مما كسبت يداك.