التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ
٥١
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

قوله: { إن الله ربي وربكم } استئناف كلام، لأنه رأس آية، وعليه جميع العلماء. وكان يجوز أن تفتح الهمزة على قوله: { وجئتكم } بـ { أن الله ربي وربكم }. والفرق بين قوله { إن الله ربي وربكم } وقوله { ربنا } أن الأول آكد في إقراره بالربوبية، لأنه ذكر على التفصيل، فهو أبعد من الغلط في التأويل، لأن لقائل أن يقول الذكر قد يجوز في الجملة على التغليب كما يغلب التذكير على التأنيث في الجملة دون التفصيل.
والربوبية هي تنشئة الشيء حالا بعد حال حتى يبلغ حد الكمال في التربية, فلما كان الله تعالى مالكاً لانشاء العالم كان رباً، ولا تطلق هذه الصفة إلا عليه تعالى، لأن اطلاقها يقتضي الملك بجميع الخلق، فأما إجراؤها على غيره، فعلى وجه التقييد، كقولك رب الدار، ورب الضيعة. وقالوا في وصف قوم من العلماء: هم أرباب البيان يراد به شدة اقتدارهم عليه. وقوله: { هذا صراط مستقيم } فالاستقامة استمرار الشيء في جهة واحدة، ونظيرها الاستواء: خلاف الاعوجاج، فلذلك قيل للطريق المؤدي إلى المراد الموصل إلى الحق: طريق الاستقامة، لأنه يفضي بصاحبه إلى غرضه، وقد استوفينا معناه في سورة الحمد. وقد يوصف الدليل بأنه طريق مستقيم، لأنه يؤدي إلى الحق اليقين. وفي الآية حجة على النصارى بما قاله المسيح مما يقرون به أنه في الانجيل من نحو هذا الكلام، لأن فيه أذهب إلى إلهي، وإلهكم، كقوله ها هنا: { إن الله ربي وربكم }.