التفاسير

< >
عرض

فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٩٤
-آل عمران

التبيان الجامع لعلوم القرآن

اللغة:
الافتراء: اقتراف الكذب وأصله قطع ما يقدر من الأدم، يقال فرى الاديم يفريه فرياً: إذا قطعه، فقيل للكذب الفرية، لأنه يقطع به على التقدير من غير تحقيق.
المعنى:
فان قيل: كيف قال: { افترى على الله الكذب } وعلى للاستعلاء، فما معناها ها هنا؟ قلنا: معناها إضافته الكذب إليه من جهة أنه أمر بما لم يأمر به الله فأوجب ما لم يوجبه، وكذب عليه بخلاف كذب له، لأن كذب عليه يفيد أنه كذب فيما يكرهه، وكذب له قد يجوز فيما يريده. فان قيل كيف قيد وعيد المفتري على الله الكذب بـ { من بعد ذلك } وهو يستحق الوعيد بالكذب عليه على كل حال؟ قلنا: المراد به البيان أنه يلزم من بعد إقامة الحجة على العبد فيه، لأنه لو كذب على الله (عز وجل) فيما ليس بمحجوج فيه لجرى مجرى كذب الصبي الذي لا يستحق الوعيد به. وإنما وصف المفتري على الله كذباً بأنه ظالم، من حيث كان ظالماً لنفسه، ولمن استدعى إلى مذهبه فيما يكذب به، لأن ذلك الكذب يستحق به العقاب.
والظلم والجور واحد وإن كان أصلهما مختلفاً، لأن أصل الظلم النقصان للحق. والجور العدول عن الحق، ولذلك قيل في ضد الظلم الانصاف. وفي ضد الجور العدل. والانصاف هو إعطاء الحق على التمام.