التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً
١٠٣
-النساء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى:
معنى الآية انكم أيها المؤمنون إذا فرغتم من صلاتكم - وأنتم مواقفو عدوكم - التي بيناها لكم { فاذكروا الله قياماً وقعوداً } أي في حال قيامكم وفي حال قعودكم، ومضطجعين على جنوبكم. والجنب: الجانب تقول نزلت جنبه أي جانبه بالتعظيم له والدعاء لأنفسكم بالظفر على عدوكم لعل الله أن يظفركم بهم. وينصركم عليهم. وذلك مثل قوله تعالى:
{ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون } }. وهو قول ابن عباس وأكثر المفسرين. وقوله: { فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة } اختلفوا في تأويله، فقال قوم معناه اذا استقررتم في أوطانكم وأقمتم في أمصاركم { فأقيموا الصلاة } يعني أنمو التي أذن لكم في قصرها في حال خوفكم في سفركم وضربكم في الارض. ذهب إليه مجاهد، وقتادة وقال آخرون معناه إذا استقررتم بزوال الخوف من عدوكم وحدوث الأمن لكم، فأقيموا الصلاة أي فأتموا حدودها بركوعها، وسجودها. ذهب إليه السدي، وابن زيد، ومجاهد في رواية أخرى. وهو اختيار الجبائي، والبلخي الطبري. وأقوى التأويلين قول من قال: إذا زال خوفكم من عدوكم، وأمنتم فأتموا الصلاة بحدودها غير قاصرين لها عن شيء من حدودها، لأنه تعالى عرف عباده الواجب عليهم من فرض صلاتهم بهاتين الآيتين في حالين:
احداهما - حال شدة الخوف أذن لهم فيها بقصر الصلاة على ما بيناه من قصر حدودها، والاقتصار على الايماء.
والثانية - حال غير شدة الخوف امرهم فيها باقامة حدودها وإتمامها على ما مضى من معاقبة بعضهم بعضاً في الصلاة خلف أئمتها، لأنه قال: { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } فلما قال: { فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة } كان معلوماً انه يريد إذا اطمأننتم من الحال التي لم تكونوا فيها مقيمين صلاتكم فأقيموا الصلاة بجميع حدودها غير قاصرين لها.
وقال ابن مسعود نزلت الآية في صلاة المرضى. والظاهر بغيره أشبه. وقوله: { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } اختلفوا في تأويله، فقال قوم: معناه ان الصلاة كانت على المؤمنين فريضة مفروضة، ذهب إليه عطية العوفي، وابن عباس، وابن زيد، والسدي، ومجاهد، وهو المروي عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع). وقال آخرون: كانت على المؤمنين فرضاً واجباً. ذهب إليه الحسن، ومجاهد، في رواية، وابن عباس في رواية وأبو جعفر في رواية أخرى عنه، والمعنيان متقاربان بل هما واحد. وقال آخرون: معناه كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً يعني منجماً يؤدونها في انجمها ذهب إليه ابن مسعود وزيد بن أسلم وقتادة. وهذه الأقوال متقاربة، لأن ما كان مفروضاً فهو واجب وما كان واجباً اداؤه في وقت بعد وقت فمفروض منجم. واختار الجبائي والطبري القول الأخير قال: لأن موقوتاً مشتق من الوقت فكأنه قال: هي عليهم فرض في وقت وجوب أدائها.