التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً
٧١
-النساء

التبيان الجامع لعلوم القرآن

المعنى واللغة:
هذا خطاب للمؤمنين الذين صدقوا بالله، وبرسوله. ومعناه أيقنوا بالله، ورسوله. أمرهم الله أن يأخذوا حذرهم. وقيل في معناه: قولان:
أحدهما - قال أبو جعفر (ع) وغيره: خذوا سلاحكم، فسمي السلاح حذراً لأن به يقى الحذر.
الثاني - احذروا عدوكم باخذ السلاح، كما يقال للانسان خذ حذرك. بمعنى احذر. والحذر والحذر لغتان. مثل الاذن والاذن. والمثل المثل. ثم أمرهم بان ينفروا. والنفور: الفزع نفر ينفر نفوراً: إذا فزع. ونفر إليه: إذا فزع من أمر إليه. والمعنى انفروا إلى قتال عدوكم. ومنه النفر: جماعة تفزع إلى مثلها. والنفير إلى قتال العدو. ونفر الحاج يوم الثاني والثالث من التشريق، لأنهم يفزعون إلى الاجتماع للرجوع إلى الاوطان. والمنافرة: المحاكمة للفزع إليها فيما يختلف فيه وقيل: إنما كانت، لأنهم يسألون الحاكم أينا أعز نفراً. ونفره تنفيراً. ونافره منافرة. وتنافروا تنافراً. واستنفره استنفاراً. وقوله: { ثبات } قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، والسدي: إن معناه انفروا فرقة بعد فرقة، أو فرقة في جهة وفرقة في جهة. أو انفروا جميعاً من غير تفرق بالاوقات، والجهات. والثبات جمع ثبة وهي جماعات في تفرقة أي يأتون متفرقين. وقال أبو جعفر: الثبات: السرايا والجميع العسكر. قال أبو ذؤيب:

فلما اجتلاها بالايام تحيرت ثبات عليها ذلها واكتئابها

يصف العاسل، وتدخينه على النحل. والايام - بكسر الهمزة على وزن لجام - الدخان ويجمع ثبة على ثبتين، أيضاً. قال زهير:

وقد اغدوا على ثبة كرام نشاوى واجدين لما نشاء

وانما جاز أن يجع ثبة ثبون - وان كان هذا الجمع يختص ما يعقل - للعوض من النقص الذي لحقه، لأن أصله ثبوة. ومثله عضين وسنين وعرين. فان صغرت قلت ثبيات وسنيات، لأن النقص قد زال. وقيل: ان الثبة عصبة منفردة من (عصب). وتقول ثبيت على الرجل اثبي تثبية: إذا اثنيت عليه. وذكرت محاسنه في حال حياته. وتصغير ثبة ثبية. فأما ثبة الحوض، فهي وسطه. الذي يثوب إليه الماء. وهي من ثاب يثوب، لأن تصغيرها ثويبة. [وقوله: { أو انفروا جميعاً } وقد مضى معناه].